للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بموافق العام". اهـ (١)

وقال سماحة الشيخ ابن باز: "وأما قول عائشة رضي الله عنها فهذا من اجتهادها وحرصها على الخير، وما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدم على قولها وقول غيرها لقول الله سبحانه: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) [الشورى: ١٠] وقوله عز وجل: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء: ٥٩] والآيات في هذا المعنى كثيرة، والله الموفق". اهـ (٢)

المذهب الثاني: حمل الآية على ظاهرها وتأويل الأحاديث.

وهذا مذهب الجمهور من العلماء حيث ذهبوا إلى تأويل الأحاديث الواردة في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه، لما فيها من مخالفة لعمومات القرآن، وإثباتها لتعذيب من لا ذنب له، لكن اختلفوا في التأويل على أقوال:

الأول: أَنَّ الباء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ببكاء أهله" هي للحال، والمعنى: أَنَّ مبدأ عذاب الميت يقع عند بكاء أهله عليه، وذلك أَنَّ شدة بكائهم غالباً إنما تقع عند دفنه، وهو في تلك الحالة يُسْأل، ويبتدئ به عذاب القبر، فكأن معنى الحديث: أَنَّ الميت يعذب حال بكاء أهله عليه، ولا يلزم من ذلك أن يكون بكاؤهم سبباً لتعذيبه. (٣)

حكى هذا القول: الخطابي، والمازري، وابن الجوزي. (٤)

الإيرادات والاعتراضات على هذا القول:

قال الحافظ ابن حجر: "ولا يخفى ما في هذا القول من التكلف، ولعل قائله إنما أخذه من قول عائشة رضي الله عنها: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ، وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الْآنَ" (٥)، وعلى هذا يكون خاصاً ببعض


(١) نيل الأوطار، للشوكاني (٤/ ١٢٨).
(٢) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لابن باز (١٣/ ٤١٧ - ٤١٩).
(٣) انظر: فتح الباري، لابن حجر (٣/ ١٨٣).
(٤) انظر: معالم السنن، للخطابي (١/ ٢٦٤)، والمعلم بفوائد مسلم، للمازري (١/ ٣٢٤)، وكشف المشكل، لابن الجوزي (١/ ٥٨).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، حديث (٣٩٧٩)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الجنائز، حديث (٩٣٢).

<<  <   >  >>