للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموتى". اهـ (١)

وضعفه الطيبي بناء على رواية: "ببكاء الحي": ورواية: "يعذب في قبره بما نيح عليه"، حيث يرى أَنَّ هاتين الروايتين تردان القول بأن الباء للحال. (٢)

وقال ابن القيم: "وهذا المسلك باطل قطعاً؛ فإنه ليس كل ميت يعذب، ولأن هذا اللفظ لا يدل إلا على السببية كما فهمه أعظم الناس فهماً؛ ولهذا ردته عائشة لما فهمت منه السببية؛ ولأن اللفظ الآخر الصحيح الذي رواه المغيرة (٣) يُبطل هذا التأويل؛ ولأن الإخبار بمقارنة عذاب الميت المستحق للعذاب لبكاء أهله لا فائدة فيه". اهـ (٤)

القول الثاني: أَنَّ اللام في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمَيِّتَ" هي لمعهود معين، وهي يهودية مَرَّ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الحديث، والراوي سمع بعض الحديث، ولم يسمع بعضه الآخر.

وهذا هو الظاهر من رواية عمرة (٥)،

وعروة (٦)، عن عائشة رضي الله عنها.


(١) فتح الباري، لابن حجر (٣/ ١٨٣).
(٢) انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (٣/ ٤١٢).
(٣) لفظ حديث المغيرة - رضي الله عنه -: "مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ". وقد تقدم في أول المسألة.
(٤) حاشية ابن القيم على مختصر سنن أبي داود (٨/ ٢٧٩).
(٥) عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ - فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ، إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا، فَقَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا".
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجنائز، حديث (١٢٨٩)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الجنائز، حديث (٢٧) - (٩٣٢)، واللفظ لمسلم.
(٦) عن أبي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ"، فَقَالَتْ: وَهَلَ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الْآنَ".
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، حديث (٣٩٧٩)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الجنائز، حديث (٢٦) - (٩٣٢)، واللفظ للبخاري.

<<  <   >  >>