للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤيد هذا القول: رواية: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" (١)؛ إذ ليس كل ما يعددونه من خصاله يكون مذموماً، فقد يكون من خصاله الكرم، وإعتاق الرقاب، وكشف الكرب، ونحوها. (٢)

ويؤيده أيضاً: حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: "أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي: وَا جَبَلَاهْ، وَا كَذَا وَا كَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ". (٣) (٤)

القول الثامن: أَنَّ معنى "التعذيب" في الحديث توبيخ الملائكة للميت بما يندبه أهله به.

كما في حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ، إِذَا قَالَتْ النَّائِحَةُ: وَاعَضُدَاهُ، وَانَاصِرَاهُ، وَاكَاسِبَاهُ، جُبِذَ الْمَيِّتُ وَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ عَضُدُهَا، أَنْتَ نَاصِرُهَا، أَنْتَ كَاسِبُهَا". (٥)

وفي لفظ: "مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِ فَيَقُولُ: وَا جَبَلَاهْ، وَا سَيِّدَاهْ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؛ إِلَّا وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ: أَهَكَذَا كُنْتَ". (٦)

وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: "أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي: وَا جَبَلَاهْ، وَا كَذَا وَا كَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ". (٧)

ذكر هذا القول: الحافظ ابن حجر، والمناوي. (٨)

القول التاسع: أَنَّ معنى التعذيب في الحديث: تألم الميت بما يقع من أهله من النياحة عليه، وليس المراد أَنَّ الله تعالى يعاقبه بتلك النياحة.


(١) سبق تخريجه في أول المسألة.
(٢) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٢/ ٥٨٣).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، حديث (٤٢٦٧).
(٤) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٢/ ٥٨٣).
(٥) سبق تخريجه في أول المسألة.
(٦) سبق تخريجه في أول المسألة.
(٧) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، حديث (٤٢٦٧).
(٨) انظر: فتح الباري، لابن حجر (٣/ ١٨٥)، وفيض القدير، للمناوي (٢/ ٣٩٧).

<<  <   >  >>