للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختار هذا التأويل: أبو جعفر الطحاوي، وأبو محمد ابن حزم. (١)

ولأبي جعفر تأويل آخر في معنى الحديث حيث قال: "يحتمل أنْ يكون المراد بالحديث هو من تحقق بالزنا حتى صار غالباً عليه، فيكون بذلك شراً ممن سواه، ممن ليس كذلك". اهـ (٢)

وهذا التأويل ذكره أيضاً في الجواب على حديث: "لن يدخل الجنة ولد زنية"، وسيأتي.

المذهب الثالث: أَنَّ شر الأبوين عارض، وولد الزنا نطفته خبيثة، فشره في أصله، وشر الأبوين من فعلهما.

وهذا التأويل قال به ابن القيم؛ فإنه ذكر حديث: "لا يدخل الجنة ولد زنا"، ثم حكى قول ابن الجوزي: إنه مُعارض لآية: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [فاطر: ١٨] ثم قال ابن القيم: "وليس هو مُعارض لها ـ إنْ صح ـ فإنه


= إلا أَنَّ هذه المتابعة لا يعتدُّ بها؛ من أجل عبد العزيز بن أبان، فإنه متروك، وكذّبه ابن معين وغيره، كما في التقريب (١/ ٤٧٠).
لكن جاء عن عائشة ما يؤيد رواية ابن إسحاق؛ فعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أنها كانت إذا قيل لها: هو شر الثلاثة، عابت ذلك وقالت: ما عليه من وزر أبويه، قال الله: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ".
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٧/ ٤٥٤)، عن معمر، وسفيان، كلاهما عن هشام، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ١٠٧)، عن عبدة، عن هشام، به.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٥٨)، من طريق أبي نعيم، عن سفيان، عن هشام، به.
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (٢٤/ ١٣٦)، من طريق يزيد بن هارون، عن سفيان، عن هشام، به.
وهو صحيح بهذه الأسانيد، ورُويَ مرفوعاً ولا يصح، فأخرجه الطبراني في الأوسط (٤/ ٢٦٩)، والحاكم في المستدرك (٤/ ١١٢)، كلاهما من طريق جعفر بن محمد بن جعفر المدائني، عن عباد بن العوام، عن سفيان، عن هشام، به. مرفوعاً.
وجعفر بن محمد مجهول، قال الطبراني: "لم يرفع هذا الحديث عن سفيان الثوري إلا عباد بن العوام، تفرد به جعفر بن محمد المدائني"، وقال البيهقي بعد أن رواه موقوفاً: "رفعه بعض الضعفاء، والصحيح موقوف"، وقال الهيثمي في المجمع (٦/ ٢٥٧): "جعفر بن محمد بن جعفر المدائني لم أعرفه"، وكذا قال الألباني في الصحيحة (٢/ ٢٨٥).
(١) انظر على الترتيب: مشكل الآثار، للطحاوي (١/ ٣٦٦)، والمحلى، لابن حزم (٨/ ٥٢٩).
(٢) مشكل الآثار، للطحاوي (١/ ٣٧٥).

<<  <   >  >>