للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكره الآلوسي في تفسيره احتمالاً آخر في الجمع (١)، ولا يخفى بعده، بل هو من التفسير الإشاري المخالف لظاهر القرآن الكريم.

أدلة هذا المذهب:

استدل القائلون بإمكان الرؤية - وهم أهل السنة - بأدلة منها:

الدليل الأول: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الوارد في المسألة.

الدليل الثاني: قصة أبي هريرة - رضي الله عنه - مع الشيطان، وقد رآه أبو هريرة في صورة مسكين على هيئة إنسان (٢)، وهذا يدل على أنَّ الشياطين والجن يتشكلون في غير صورهم.

الدليل الثالث: أنَّ الله تعالى نص في كتابه على عمل الجن لسليمان - عليه السلام - ومخاطبتهم له، في قوله تعالى: (قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩)) [النمل: ٣٩]، ومثل هذا لا يُنكر مع تصريح القرآن بذلك، وثبوت الأحاديث الصحيحة. (٣)

المذهب الثاني: نفي إمكان رؤية الجن مطلقاً، لا لنبي، ولا لغيره.

وهذا مذهب المعتزلة (٤)، وبعض الأشاعرة (٥).


(١) روح المعاني (٨/ ٤٨٢).
(٢) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ".
أخرجه البخاري في صحيحه - تعليقاً - في كتاب بدء الخلق، حديث (٣٢٧٥).
ووقعت لمعاذ - رضي الله عنه - قصة شبيهة بهذه، أخرجها الحاكم في المستدرك (١/ ٧٥١)، والطبراني في الكبير (٢٠/ ٥١)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٣٢٢): "رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح، وهو صدوق إن شاء الله - كما قال الذهبي- قال ابن أبي حاتم: وقد تكلموا فيه. وبقية رجاله وثقوا".
(٣) انظر: عمدة القاري، للعيني (٧/ ١٠٢)، وروح المعاني، للآلوسي (٨/ ٤٨١).
(٤) انظر نسبته للمعتزلة في: عمدة القاري، للعيني (٧/ ١٠٢)، وروح المعاني، للآلوسي (٨/ ٤٨١).
(٥) انظر نسبته للأشاعرة في: روح المعاني، للآلوسي (٨/ ٤٨٢).

<<  <   >  >>