للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

راشد، عن الزهري قال: جاء أعرابي ... ، وساق الحديث. فهكذا اختلف إبراهيمُ بن سعد ومعمر بن راشد، ولا شك عندنا في تقديم رواية معمر المرسلة؛ لأن معمرًا ثبتٌ في الزهري، وأما إبراهيم بن سعد فقد قال صالح بن محمد الحافظ: "سماعه من الزهري ليس بذاك؛ لأنه كان صغيرًا حين سمع من الزهري" (١)، وقال ابن معين، وسئل: إبراهيم بن سعد أحب إليك في الزهري أو ليث بن سعد؟ قال: "كلاهما ثقتان" (٢). فإذا تدبرت قول يعقوب بن شيبة في الليث: "ثقة وهو دونهم في الزهري - يعني: دون مالك ومعمر وابن عيينة - وفي حديثه عن الزهري بعض الاضطراب" (٣)، علمت أَنَّ قول ابن معين لا يفيد أنه ثبت في الزهري مثل معمر.

قال الحويني: فالذي يتحرر من هذا البحث أَنَّ الرواية المرسلة هي المحفوظة، وهي التي رجحها أبو حاتم الرازي والدارقطني، فلا معنى للقول أنه على شرط الشيخين بعد ثبوت هذه المخالفة.

قال الحويني: وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، في صحيح مسلم (٤)، والذي فيه: "أَنَّ اللَّه نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لأمه"، فلم يتعرض له السيوطي إلا بجوابٍ مجملٍ، وهذا الحديث صريح في عدم إيمانها؛ لأن اللَّه عز وجل قال: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣)) [التوبة: ١١٣]، وقد نزلت هذه الآية في أبي طالبٍ. (٥)

وبهذا الجواب ـ على اختصاره ـ يتبين أَنَّ الحديثين صحيحان لا مطعن فيهما، والحمد للَّه رب العالمين". اهـ (٦)


(١) انظر: تهذيب التهذيب، لابن حجر (١/ ١٠٦).
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق (٨/ ٤١٤).
(٤) سبق تخريجه في أول المسألة.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب المناقب، حديث (٣٨٨٤)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (٢٤).
(٦) الفتاوى الحديثية، لأبي إسحاق الحويني، من موقع الشيخ على الشبكة العالمية (الإنترنت)، قسم الموسوعة الحديثية، أسئلة عام: ١٤٢١هـ.

<<  <   >  >>