للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكره ابن عبد البر احتمالاً في توجيه الحديث. (١)

قال قتادة: "أحياهم الله حتى أسمعهم قوله، توبيخاً وتصغيراً وَنَقِيمَةً وحسرة

وندماً". اهـ (٢)

وقال ابن عطية: "فيشبه أنَّ قصة بدر هي خرق عادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، في أنْ رد الله إليهم إدراكاً سمعوا به مقاله، ولولا إخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة، وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين منهم". اهـ (٣)

وقال الألباني: "والتحقيق أنَّ الأدلة من الكتاب والسنة على أنَّ الموتى لا يسمعون، وهذا هو الأصل، فإذا ثبت أنهم يسمعون في بعض الأحوال، كما في حديث خفق النعال، أو أنَّ بعضهم سمع في وقت ما، كما في حديث القليب، فلا ينبغي أنْ يُجعل ذلك أصلاً، فيقال إنَّ الموتى يسمعون؛ فإنها قضايا جزئية، لا تُشَكِّل قاعدة كلية يُعارض بها الأصل المذكور، بل الحق أنه يجب أنْ تُستثنى منه، على قاعدة استثناء الأقل من الأكثر، أو الخاص من العام". اهـ (٤)

أدلة هذا القول:

استدل أصحاب هذا القول على ما ذهبوا إليه بأدلة منها:

الأول: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ"، ولم يقل: "لما يُقال"، فدل على أنَّ سماعهم هذا، هو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - دون غيره من الناس. (٥)

الدليل الثاني: أنَّ الحديث رُوي بلفظ: "وَاللَّهِ إِنَّهُمْ الْآنَ لَيَسْمَعُونَ كَلَامِي" (٦)، حيث قَيَّدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - سماعهم له باللحظة التي ناجاهم فيها،


(١) الأجوبة عن المسائل المستغربة، لابن عبد البر، ص (١٩٠).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، حديث (٣٩٧٦).
(٣) المحرر الوجيز، لابن عطية (٤/ ٢٧٠، ٤٣٦).
(٤) مقدمة الألباني على كتاب "الآيات البينات في عدم سماع الأموات"، ص (٤٠)، باختصار.
(٥) انظر: روح المعاني، للآلوسي (٢١/ ٧٧).
(٦) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢/ ٣١). وإسناده حسن.

<<  <   >  >>