للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثامن: كثرة المرائي التي تقتضي سماع الموتى ومعرفتهم لمن يزورهم، وهذه المرائي وإن لم تصلح بمجردها لإثبات مثل ذلك، فهي على كثرتها وأنها لا يحصيها إلا الله قد تواطأت على هذا المعنى، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ" (١) يعني ليلة القدر، فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على شيء كان كتواطىء روايتهم له. (٢)

واعتُرِضَ: بأنَّ المرائي لا يصح أنْ يُعتمد عليها في باب الاعتقاد والأمور المغيبة، إذ لا سبيل لمعرفة الأمور المغيبة إلا بدليل شرعي من الكتاب أو السنة.

المذهب الثاني: مذهب نفي سماع الأموات مطلقاً، وتأويل الأحاديث التي فيها إثبات السماع.

حيث ذهب جمع من العلماء إلى إجراء الآيات التي فيها نفي السماع على ظاهرها وعمومها، وقالوا: إنَّ الميت لا يسمع شيئاً من كلام الأحياء، ولا يشعر بهم.

واختلف أصحاب هذا المذهب في الجواب عن الأحاديث التي فيها إثبات السماع على أقوال:

الأول: أنَّ ما وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - من إسماع قتلى بدر - هو معجزة من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -، فقد أحياهم الله له حتى سمعوا كلامه، وهذا خاص به دون غيره من الناس.

وهذا رأي: قتادة، والبيهقي (٣)، والمازري (٤)، وابن عطية، وابن الجوزي (٥)،

وابن قدامة (٦)، وابن الهمام (٧)، والقاضي أبي يعلى (٨)، والألباني.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجمعة، حديث (١١٥٨)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الصيام، حديث (١١٦٥).
(٢) انظر: الروح، لابن القيم، ص (٦٣)، وأضواء البيان، للشنقيطي (٦/ ٤٣١).
(٣) نقله عنه الحافظ ابن حجر، في الفتح (٧/ ٣٢٤).
(٤) المعلم بفوائد مسلم، للمازري (١/ ٣٢٤).
(٥) كشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي (١/ ١٤٨).
(٦) المغني، لابن قدامة (٧/ ٣٥٢)، (١٠/ ٦٣).
(٧) فتح القدير، لابن الهمام (٢/ ١٠٤).
(٨) نقله عنه الحافظ ابن رجب، في "أهوال القبور"، ص (١٣٣).

<<  <   >  >>