للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأسمائهم، ففعلوا فلم تُعْبَدْ، حتى إذا هلك أولئك وَتَنَسَّخَ العلم عُبِدَتْ" (١) (٢).

الدليل الرابع: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ" (٣)، ووجه الدلالة من الحديث أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع سلام المُسَلِّمِين عليه، إذ لو كان يسمعه بنفسه، لما كان بحاجة إلى من يبلغه إليه، وإذ الأمر كذلك فبالأولى أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع غير السلام من الكلام، وإذا كان كذلك فلأن لا يسمع السلام غيرُه من الموتى أولى وأحرى. (٤)

القول الرابع: أنَّ الأصل عدم سماع الأموات؛ لعموم وظاهر الآيات، لكن يستثنى من ذلك ما صح به الدليل ولا يُتجاوزُ به إلى غيره، ومما ورد به الدليل: مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلى بدر، وسماع الميت خفق نعال المشيعين له إذا انصرفوا.

وهذا رأي: الشوكاني، والآلوسي (٥)، وذكره أبو العباس القرطبي احتمالاً آخر في الجمع، واختاره أبو عبد الله القرطبي (٦).

قال أبو العباس القرطبي: "لو سلمنا أنَّ الموتى في الآية على حقيقتهم؛ فلا تعارض بينها وبين أنَّ بعض الموتى يسمعون في وقتٍ ما، أو في حالٍ ما، فإنَّ تخصيص العموم ممكن وصحيح إذا وجد المخصص، وقد وجد هنا بدليل هذا الحديث (٧) ". اهـ (٨)

وقال الشوكاني: "وظاهر نفي إسماع الموتى العموم، فلا يُخَصُّ منه إلا


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، حديث (٤٩٢٠).
(٢) انظر: مقدمة الألباني على كتاب "الآيات البينات في عدم سماع الأموات"، ص (٢٤ - ٢٧).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١/ ٣٨٧)، والترمذي، في سننه، في كتاب الدعوات، حديث (٣٦٠٠)، والنسائي في سننه، في كتاب السهو، حديث (١٢٨٢)، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي" (١/ ٤١٠)، حديث (١٢٨١).
(٤) انظر: مقدمة الألباني على كتاب "الآيات البينات في عدم سماع الأموات"، ص (٣٦ - ٣٧).
(٥) روح المعاني، للآلوسي (٢١/ ٧٩).
(٦) انظر: التذكرة في أحوال الموتى والآخرة، للقرطبي، ص (١٥٢).
(٧) أي: حديث القليب.
(٨) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٢/ ٥٨٦)، وانظر: (١/ ٣٣٣) و (٧/ ١٥١).

<<  <   >  >>