للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البيهقي: ورواية ميمون، وسعيد توافق الرواية عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، في النذر؛ إلا أَنَّ الروايتين الأوليين تخالفانها.

قال: ورأيتُ بعضهم ضَعَّفَ حديث عائشة بما رُوي عن عمارة بن عمير، عن امرأة، عن عائشة - في امرأة ماتت وعليها الصوم - قالت: "يُطعم عنها" (١). ورُوي من وجه آخر عن عائشة أَنَّها قالت: "لا تصوموا عن موتاكم، وأطعموا عنهم". (٢) وليس فيما ذكروا ما يوجب للحديث ضعفاً؛ فمن يُجَوِّز الصيام عن الميت يجوز الإطعام عنه، وفيما رُوي عنهما في النهي عن الصوم عن الميت نظر، والأحاديث المرفوعة أصح إسناداً، وأشهر رجالاً، وقد أودعها صاحبا الصحيح كتابيهما، ولو وقف الشافعي - رحمه الله - على جميع طرقها وتظاهرها لم يخالفها - إنْ شاء الله تعالى - وبالله التوفيق". اهـ (٣)

وقد نقل النوويُ كلام البيهقي بطوله ثم قال: "الصواب الجزم بجواز صوم الولي عن الميت، سواء صوم رمضان، والنذر، وغيره من الصوم الواجب; للأحاديث الصحيحة السابقة، ولا مُعارض لها، ويتعين أنْ يكون هذا مذهب الشافعي; لأَنَّه قال: إذا صَحَّ الحديث فهو مذهبي، واتركوا قولي المخالف له. وقد صَحَّت في المسألة أحاديث كما سبق. والشافعي إنما وقف على حديث ابن عباس من بعض طرقه، كما سبق، ولو وقف على جميع طرقه وعلى حديث بريدة، وحديث عائشة، لم يُخالف ذلك، كما قال البيهقي، فيما قدمناه عنه في آخر كلامه، فكل هذه الأحاديث صحيحة صريحة، فيتعين العمل بها، لعدم المعارض لها". اهـ (٤)

وللإمام ابن القيم كلام طويل في مناقشة القائلين برد الحديث، والإجابة عن اعتراضاتهم، حيث قال في كتابه "الروح" (٥):

"وأما رَدُّ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله: "من مات وعليه صيام صام


(١) سبق تخريجه قريباً.
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ.
(٣) السنن الكبرى للبيهقي (٤/ ٢٥٦).
(٤) المجموع، للنووي (٦/ ٤١٨)، وانظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (٨/ ٣٨).
(٥) ص (٣٣٤ - ٣٤١).

<<  <   >  >>