للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البيهقي: "حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وعليه صوم رمضان، يطعم عنه"، لا يصح، ومحمد بن عبد الرحمن كثير الوهم، وإنما رواه أصحاب نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - من قوله". (١)

قال ابن القيم: وأما قولهم: إنه مُعارض بالقياس الجلي على الصلاة والإسلام والتوبة؛ فإنَّ أحداً لا يفعلها عن أحد، فلعمر الله إنه لقياس جلي البطلان والفساد، لرد سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الصريحة له، وشهادتها ببطلانه، وقد أوضحنا الفرق بين قبول الإسلام عن الكافر بعد موته، وبين انتفاع المسلم بما يُهديه إليه أخوه المسلم من ثواب صيامٍ أو صدقةٍ أو صلاة، ولعمر الله إنَّ الفرق بينهما أوضح من أنْ يخفى، وهل في القياس أفسد من قياس انتفاع المسلم بعد موته بما يُهديه إليه أخوه المسلم من ثواب عمله؛ على قبول الإسلام عن الكافر بعد موته، أو قبول التوبة عن المجرم بعد موته.

قال: وأما كلام الشافعي - رحمه الله - في تغليط راوي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -


= بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا". قال الترمذي: "لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ قَوْلُهُ". قال: "وَأَشْعَثُ: هُوَ ابْنُ سَوَّارٍ، وَمُحَمَّدٌ: هُوَ عِنْدِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى". اهـ
ورواه ابن ماجة في سننه، في كتاب الصيام، حديث (١٧٥٧)، من طريق عَبْثَر، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، مرفوعاً. ولفظه لفظ الترمذي نفسه. وذِكْرُ ابن سيرين خطأ في الإسناد.
قال ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" (٢/ ٣٣٨): "أشعث: هو ابن سوار، وكان ابن مهدي يخط على حديثه، وقال يحيى: لا شيء. وفي رواية: هو ثقة. ومحمد: هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ضعيف، مضطرب الحديث. وقد رواه ابن ماجة، وسُئِلَ الدارقطني عن هذا الحديث فقال: يرويه أشعث بن سوار، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. تفرد به عبثر بن القاسم، والمحفوظ عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً". اهـ
وقال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (١/ ٣٣٠): "رواه الترمذي وابن ماجة، بإسناد ضعيف، والمحفوظ وقفه على ابن عمر، قاله الترمذي، والبيهقي، والدارقطني". اهـ
(١) السنن الكبرى، للبيهقي (٤/ ٢٥٤).

<<  <   >  >>