للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: «والأولى التزام ورود المواضع التي خالف فيها غيره، والجواب عنها؛ إما بدفع تفرده، وإما بتأويله على وفاق الجماعة». اهـ (١)

الجواب الثاني: أنَّ الحديث موقوف على أنس - رضي الله عنه -.

ذكر هذا الجواب: الخطابي (٢)، والبيهقي (٣)، وابن جماعة (٤).

قال الخطابي مشيراً إلى رفع الحديث من أصله: «ثم إنَّ القصة بطولها إنما هي حكاية يحكيها أنس من تلقاء نفسه، لم يَعْزُهَا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا نقلها عنه، ولا أضافها إلى قوله، فحاصل الأمر في النقل أنها من جهة الراوي، إما من أنس، وإما من شريك؛ فإنه كثير التفرد بمناكير الألفاظ التي لا يُتابعه عليها سائر الرواة». اهـ (٥)

وقال ابن جماعة: «ثم الحكاية كلها موقوفة على أنس من تلقاء نفسه، لم يرفعها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا رواها عنه، ولا عزاها إلى قوله، وقد روت عائشة، وابن مسعود، وأبو هريرة مرفوعاً (٦): أنَّ المراد بالآية المذكورة جبريل، وهم أحفظ وأكثر، فكيف يُترك لحديث شريك، وفيه ما فيه». اهـ (٧)


= فإن كانت محفوظة كما رواه حجاج بن منهال، وكما رواه شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك، فيحتمل أن يكون جبريل عليه السلام فعل ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حين رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، كما فعله في المرة الأولى». اهـ
النتيجة: الذي يظهر لي - والله تعالى أعلم - أنَّ هاتين المتابعتين لا يتقوى بهما حديث شريك؛ وذلك لاختلاف النقاد في توثيق كثير بن حبيش، وميمون بن سياه، ولما في روايتهما من المخالفة للجم الغفير من الرواة عن أنس، وسيأتي مزيد بيان لذلك في مبحث الترجيح، إن شاء الله تعالى.
(١) فتح الباري، لابن حجر (١٣/ ٤٩٣).
(٢) أعلام الحديث، للخطابي (٤/ ٢٣٥٣).
(٣) الأسماء والصفات، للبيهقي (٢/ ٣٥٧).
(٤) إيضاح الدليل، لابن جماعة (١/ ١٤٥).
(٥) أعلام الحديث، للخطابي (٤/ ٢٣٥٣).
(٦) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)) [النجم: ١٣] قَالَ: «رَأَى جِبْرِيلَ». أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (١٧٥). ولم أقف عليه مرفوعاً من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٧) إيضاح الدليل، لابن جماعة (١/ ١٤٥)، وانظر: الأسماء والصفات، للبيهقي (٢/ ٣٥٧).

<<  <   >  >>