للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استشكال ظاهر الحديث، والذي فيه نسبة الدنو والتدلي إلى الله تعالى، ومن هذه الأجوبة:

١ - أنَّ الدنو والتدلي في الحديث المراد بهما قرب الكرامة، لا قرب المكان.

ذكر هذا الجواب: ابن فورك، والقاضي عياض، والعيني. (١)

قال القاضي عياض: «اعلم أنَّ ما وقع من إضافة الدنو والقرب هنا من الله، أو إلى الله، فليس بدنو مكان، ولا قرب مدى، وإنما هو دنو النبي - صلى الله عليه وسلم - من ربه وقربه منه إبانة عظيم منزلته، وتشريف رتبته، وإشراق أنوار معرفته، ومشاهدة أسرار غيبه وقدرته، ومن الله تعالى له مبرة وتأنيس، وبسط وإكرام». اهـ (٢)

٢ - أنَّ ما جاء في حديث شريك هي رؤيا رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نومه، ولا إشكال فيما يراه - صلى الله عليه وسلم - في منامه.

ذكر هذا الجواب: الخطابي (٣)، والسهيلي. (٤)

قال الخطابي: «ليس في هذا الكتاب - يعني صحيح البخاري - حديثٌ أشنعَ ظاهراً، ولا أشنع مذاقاً من هذا الفصل؛ فإنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر، وتمييز مكان كل واحد منهما، هذا إلى ما في التدلي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق إلى أسفل، فمن لم يبلغه من هذا الحديث إلا هذا القدر مقطوعاً عن غيره، ولم يعتبره بأول القصة وآخرها اشتبه عليه وجهه ومعناه، وكان قصاراه: إما رَدُّ الحديث من أصله، أو الوقوع في التشبيه، وهما خطتان مرغوب عنهما، وأما من اعتبر أول الحديث بآخره فإنه يزول عنه الإشكال؛ فإنه مصرح فيهما بأنه كان رؤيا؛ لقوله في


(١) انظر على الترتيب: مشكل الحديث، لابن فورك (١/ ١٥٦)، والشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض (١/ ١٥٦)، وعمدة القاري، للعيني (٢٥/ ١٧٢).
(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض (١/ ١٣١)، وانظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (١/ ٥٢٨).
(٣) أعلام الحديث، للخطابي (٤/ ٢٣٥٢).
(٤) الروض الأنف، للسهيلي (٢/ ٢٠٢).

<<  <   >  >>