للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صريحة في التخيير، وقد جاءت آيات أُخر نظير هذه الآية، يُفهم منها التخيير لا النهي، كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (٦)) [البقرة: ٦]، وهذه الآية ليس المراد منها نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإنذار، بل المعنى أنَّ إنذاره لهم وعدمه سواء، ومع ذلك فقد أٌمِرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإنذار لأمورٍ أُخر، كقيام الحجة عليهم، وغيرها، ونظير هذه الآية: قوله تعالى: (قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ) [الإسراء: ١٠٧]، ومعنى الآية: أنَّ إيمانكم بالقرآن وعدمه سواء؛ لأن إيمانكم لا يزيده كمالاً، وعدم إيمانكم لا يورثه نقصاً (١)، وليس مراد الآية نهيهم عن الإيمان، أو أنَّ ذلك غير نافع لهم.

وبهذا يتبين أنَّ فهمه - صلى الله عليه وسلم - التخيير بين الاستغفار وعدمه، هو كفهمه لهذه الآيات، والله تعالى أعلم.

الإيرادات والاعتراضات على هذا الاختيار:

الإيراد الأول: أنه قد جاء في حديث ابن عمر - رضي الله عنه -، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ ... ، وَسَأَزِيدُهُ عَلَى


(١) انظر: روح المعاني، للآلوسي (١٥/ ٢٣٨).

<<  <   >  >>