للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هريرة - رضي الله عنه - في قصة أبي طالب - قال: «فأنزل الله: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [القصص: ٥٦]. (١)

قال: «وقد ثبت أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى قبر أمِّهِ لما اعتمر فاستأذن ربه أنْ يستغفر لها، فنزلت هذه الآية (٢)، والأصل عدم تكرر النزول، وقد أخرج الحاكم، وابن أبي حاتم (٣)، من طريق أيوب بن هانئ، عن مسروق، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً إلى المقابر فاتبعناه، فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلاً، ثم بكى فبكينا لبكائه، فقال: إنَّ القبر الذي جلست عنده قبر أمي، واستأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي؛ فأنزل علي: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ)»، وأخرج أحمد (٤) من حديث ابن بريدة، عن أبيه نحوه، وفيه: «نزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب»، ولم يذكر نزول الآية، وفي رواية الطبري (٥) من هذا الوجه: «لما قدم مكة أتى رسم قبر»، ومن طريق فضيل بن مرزوق، عن عطية: «لما قدم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس، رجاء أنْ يؤذن له فيستغفر لها؛ فنزلت» (٦)، وللطبراني (٧)

من طريق عبد الله بن كيسان، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنه - نحو حديث ابن مسعود، وفيه: «لما هبط


(١) فتح الباري، لابن حجر (٧/ ٢٣٥)، بتصرف يسير.
(٢) أخرج الطبراني في الكبير (١١/ ٣٧٤) عن ابن عباس - رضي الله عنه -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أقبل من غزوة تبوك واعتمر، فلما هبط من ثنية عسفان، أمر أصحابه أن يستندوا إلى العقبة حتى أرجع إليكم، فذهب فنزل على قبر أمه؛ فناجى ربه طويلاً .... ». الحديث، وسيأتي قريباً، مع بيان درجته.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٦٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٨٩٣)، كلاهما من طريق أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود، به. قال الذهبي في التلخيص: «أيوب بن هانئ ضعفه ابن معين».
(٤) مسند الإمام أحمد (٥/ ٣٥٥)، وإسناده صحيح.
(٥) تفسير ابن جرير الطبري (٦/ ٤٨٩).
(٦) المصدر السابق.
(٧) المعجم الكبير (١١/ ٣٧٤) .. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ١١٧): «فيه أبو الدرداء: عبد العزيز بن المنيب، عن إسحاق بن عبد الله، عن أبيه، عن عكرمة. ومن عدا عكرمة لم أعرفهم ولم أرَ من ذكرهم».

<<  <   >  >>