للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: تأويلهم لقوله تعالى: (إِنِّي سَقِيمٌ) [الصافات: ٨٩]:

يرى الأكثر من أصحاب هذا المسلك أنَّ معنى الآية: إني سأسقم؛ لأن من كُتب عليه الموت فلا بد من أنْ يسقم، ومنه قوله تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (٣٠)) [الزمر: ٣٠]، أي ستموت، ويموتون. (١)

الثاني: مسلك إجراء الآيات والحديث على ظاهرها، وأنَّ ما قاله إبراهيم الخليل - عليه السلام - كان كذباً على الحقيقة.

ويرى أصحاب هذا المسلك: أنَّ إبراهيم - عليه السلام - فعل ذلك من باب التُقية، ودفعِ أذى الظالمين، والكذبُ إذا كان لمثلِ هذا الغرض، وكان لمصلحةٍ شرعية؛ فإنه لا مانع منه، ولا يكون محرماً.

وهذا رأي: ابن جرير الطبري، وابن حزم، والواحدي (٢)، والمازري (٣)، والبغوي (٤)، والسمعاني (٥).

قال ابن جرير الطبري: «وقد زعم بعض من لا يُصَدِّقُ بالآثار، ولا يقبل من الأخبار إلا ما استفاض به النقل، من العوام، أنَّ معنى قوله: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) إنما هو بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون فاسألوهم، أي إن كانت الآلهة المكسورة تنطق؛ فإن كبيرهم هو الذي كسرهم. وهذا قولٌ خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ إبراهيم لم يكذب إلا


= (٣/ ٢٦٣)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٥/ ٢٦٥)، والتسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي (٢/ ٢٤)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (١/ ٤٣٢)، ومفاتيح الغيب، للرازي (٢١/ ١٦٠)، ومعترك الأقران في إعجاز القرآن، للسيوطي (٣/ ٧٢)، وروح المعاني، للآلوسي (١٧/ ٨٥).
(١) انظر: تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، ص (٢٦٧)، والكشاف، للزمخشري (٤/ ٤٧)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (١/ ٤٣٣)، وتفسير القرطبي (١٥/ ٦٣)، ومفاتيح الغيب، للرازي (٢٦/ ١٢٨)، وفتح الباري، لابن حجر (٦/ ٤٥١)، وروح المعاني، للآلوسي (٢٣/ ١٣٧).
(٢) الوسيط، للواحدي (٣/ ٢٤٢).
(٣) المعلم بفوائد مسلم، للمازري (٣/ ١٣١).
(٤) تفسير البغوي (٣/ ٢٤٩).
(٥) تفسير السمعاني (٣/ ٣٨٩).

<<  <   >  >>