للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنها بحسب مراده صدق مطابق للواقع، فهي من باب التورية. (١)

رأي أصحاب هذا المسلك، في معنى الآيتين، ووجه كونهما من المعاريض:

لأصحاب هذا المسلك عدة تأويلات في معنى الآيتين، ووجه كونهما من المعاريض، وفيما يأتي ذِكْرُ أقوالهم في كل آية:

أولاً: تأويلهم لقوله تعالى: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) [الأنبياء: ٦٣]:

اختلفوا في تأويل الآية على قولين:

الأول: أنَّ معنى الآية: بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون، حيث جعل النطق شرطاً للفعل، والمعنى إن كانوا ينطقون فقد فعله، قالوا: ولما علق الفعل على النطق، والنطق غير متحقق، لم يكن قوله هذا كذباً.

وهذا رأي: ابن قتيبة (٢)، والقاضي عياض (٣)، وأبي عبد الله القرطبي (٤).

واعتُرِضَ: بأن قوله: (إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) [الأنبياء: ٦٣] متعلق بقوله: (فَاسْأَلُوهُمْ) [الأنبياء: ٦٣]، والمعنى: إن كانوا ينطقون، فاسألوهم.

القول الثاني: أنه قال ذلك تمهيداً لإقامة الحجة عليهم، على نية أنْ يتضح لهم الحق بآخره، فإنه لما قصد تنبيههم على خطأ عبادتهم للأصنام مهد لذلك بكلامٍ هو جار على الفرض والتقدير، فكأنه قال: لو كان هذا إلهاً لما رضي بالاعتداء على شركائه، فلما حصل الاعتداء عليهم بمحضر كبيرهم، تعين أنَّ يكون هو الفاعل لذلك.

وهذا رأي: الزمخشري، وابن العربي، وابن الجوزي، وابن جزي الكلبي، وأبي العباس القرطبي، والرازي، والسيوطي، والآلوسي. (٥)


(١) انظر: شرح العقيدة الواسطية، لابن عثيمين، ص (٥٢٧).
(٢) انظر: تأويل مشكل القرآن، ص (٢٦٨)، وتأويل مختلف الحديث، ص (٣٩)، كلاهما لابن قتيبة.
(٣) انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (٢/ ٨٩)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم (٧/ ٣٤٦)، كلاهما للقاضي عياض.
(٤) انظر: تفسير القرطبي (١١/ ١٩٨).
(٥) انظر على الترتيب: الكشاف، للزمخشري (٣/ ١٢١)، وأحكام القرآن، لابن العربي =

<<  <   >  >>