للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون، متشككاً فيه أيكون أم لا يكون؟ أو جاهلاً به جملة، وهذه صفة المخلوقين لا صفة الخالق، وهذا كفر ممن قال به". اهـ (١)

وقال القرافي: "الحق أنَّ الله تعالى قدَّر له ستين سنة مرتبة على الأسباب العادية، من الغذاء والتنفس في الهواء، ورتب له عشرين سنة أخرى مرتبة على هذه الأسباب وصلة الرحم، وإذا جعلها الله تعالى سبباً أمكن أن يُقال: إنها تزيد في العمر حقيقة، كما نقول الإيمان يُدخل الجنة، والكفر يُدخل النار، بالوضع الشرعي لا بالاقتضاء العقلي، ومتى علم المكلف أنَّ الله تعالى نصب صلة الرحم سبباً لزيادة النساء في العمر بادر إلى ذلك كما يُبادر لاستعمال الغذاء وتناول الدواء والإيمان رغبة في الجنان، ويَفِرُّ من الكفر رهبة من النيران، وبقي الحديث على ظاهره من غير تأويل يُخِلُّ بالحديث". اهـ (٢)

القول الثالث: أنَّ معنى الحديث: أنَّ الله تعالى يكتب أجل عبده عنده مائة سنة، ويجعل بُنْيَتَهُ وتركيبه وهيئته لتعمير ثمانين سنة؛ فإذا وصل رحمه زاد الله تعالى في ذلك التركيب وفي تلك البنية، ووصل ذلك النقص فعاش عشرين أخرى حتى يبلغ المائة، وهي الأجل الذي لا مستأخر عنه ولا متقدم.

ذكر هذا القول: ابن قتيبة، وابن فورك، وابن الجوزي. (٣)

القول الرابع: أنَّ معنى الحديث: أنَّ من وصل رحمه زاد الله في عمره في الدنيا من أجله في البرزخ، ومن قطع رحمه نقّص الله من عمره في الدنيا، وزاده في أجل البرزخ.

روي هذا القول عن ابن عباس - رضي الله عنه -.


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم (٢/ ١١٤ - ١١٥).
(٢) أنوار البروق، للقرافي (١/ ١٤٨).
(٣) انظر على الترتيب: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة (١/ ١٨٩)، ومشكل الحديث وبيانه، لابن فورك (١/ ٣٠٧)، وكشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي (٣/ ١٨٦).

<<  <   >  >>