عليكم»، أي على حفظكم، أو بمعنى السلامة عليكم، فالسلام جمع سلامة.
قال ابن الأنباريّ: السلام في كلام العرب على أربعة أقسام: السلام التسليم، تقول: سلّمت سلاما، والسلام الله تعالى، والسلام جمع سلامة، والسلام شجر عظام واحدها سلامة قال الأخطل:[الطويل]
ورابية السكران قفر فما بها ... لهم شبح إلّا سلام وحرمل (١)
***
قال الحارث بن همّام: فلمّا رأيت الخطبة نخبة بلا سقط، وعروسا بغير نقط، دعاني الإعجاب بنمطها العجيب، إلى استجلاء وجه الخطيب، فأخذت أتوسّمه جدّا، وأقلّب الطّرف فيه مجدّا، إلى أن وضح لي بصدق العلامات، أنّه شيخنا صاحب المقامات، ولم يكن بدّ من الصّمت، في ذلك الوقت؛ فأمسكت حتّى تحلّل من الفرض، وحلّ الانتشار في الأرض، ثمّ واجهت تلقاءه، وابتدرت لقاءه.
فلمّا لحظني خفّ في القيام، وأحفى في الإكرام؛ ثمّ استصحبني إلى داره، وأودعني خصائص أسراره، وحين انتشر جناح الظّلام، وحان ميقات الأنام، أحضر أباريق المدام، معكومة بالفدام فقلت: أتحسوها أمام النّوم؛ وأنت إمام القوم! فقال: مه؛ أنا بالنّهار خطيب، وبالليل أطيب، فقلت: والله ما أدري:
أأعجب من تسلّيك عن أناسك، ومسقط راسك، أم من خطابتك مع أدناسك ومدار كاسك.
***
نخبة: مختارة. سقط: لفظ رديء. استجلاء: نظر. أتوسمه: أنظر سمته، أي علامته التي يعرف بها. جدّا: كثيرا. مجدّا: مجتهدا. وضح: تبيّن. ذو المقامات:
صاحب المجالس. البدّ: الفرار، قال الفراء رحمه الله تعالى: يقال: لا بدّ اليوم من قضاء حاجتي، أي لا فرار، ويقال: ليس لهذا الأمر بدّ، أي لا محالة. الصمت:
السكوت والإنصات لاستماع الخطبة فرض عند الشافعي رضي الله عنه لقوله تعالى: