للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام والمسلمين، وهو الذي حمى الإسلام والمسلمين، وذبّ عنه وقام لنصرته قيام مخلص متجرّد لله، ممتثلًا أمره، فارًّا من وعيده، كمَن لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهذه كتبه في الرّدّ على اليهود والنّصارى والدّهريّين والفلاسفة والرّافضة والباطنية وأهل الكلام، وغيرهم من الطوّائف التي حادت عن طريق القرآن والسُّنّة، وكلّها تشهد بعلوّ همّته وقوّة جنانه وصدق عزمه؛ فقد نصر الإسلام بيده ولسانه وقلبه، ما عُلِمَ عليه يومًا أنّه هاب في ذلك سلطانًا أو كثرة جموع، أو قدّم قول أحد على آية أو سُنّة، أو حاب أحدًا أو جاراه على معتقده إذا كان على غير اعتقاد السّلف الصّالح؛ بل هجر في نصرة دين الله الأهل والوطن والخلّان والأصحاب، والدّنيا بزخرفها، ورضي بالقليل منها، وأضاع عمره ما بين تعلّم وتعليم وتصنيف، ومكابدة أهوال، ومشقة لحقته من أجل قيامه لربه في نصرة دينه؛ فكم هُدّد بالحبس والإخراج عن وطنه، وكم تحدّثوا بقتله ولم يصدّه ذلك كلّه عن الامتثال لأمر ربّه، حتى أتاه اليقين ـ وهو الموت ـ في غيابات السّجن؛ فأيّ مصيبة بعد هذا كلّه أتى بها للإسلام؟! فطيّب الله ثراه، ونصر مَن والاه، وخذل عدوه وأقصاه.

وهب أنّه أخطأ في مسألة أو مسألتين أدّاه إلى ذاك اجتهاده؛ فذلك مغمور في بحر علمه وحسناته ـ أي: شيخ الإسلام ـ، وأمّا السّبكيّ وأضرابه: فهم على الضّدّ مما وصفنا من حال شيخ الإسلام؛ فجنايتهم على الله وعلى كتابه ـ وهو: القرآن ـ وعلى رسوله وعلى سُنّته وعلى المسلمين أشهر من أن تُشهر:

فأمّا جنايتهم على الله: فإنّهم أنكروا جميع صفاته الخبريّة التي جاء بها القرآن العزيز والسُّنّة ـ من: العلو، والفوقيّة،

<<  <   >  >>