للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإتيان، والمجيء، والنّفس، والوجه، واليدين، والعين، والسّاق، والحبّ، والرّضا، والسّخط، والتّعجّب، والاستهزاء، والضّحك، والنّزول، والاستواء على العرش، وغير ذلك مما وصف الله به نفسه في كتابه ووصفه به رسوله؛ فعمدوا إلى جميع ذلك فأوّلوه بحسب ما أدّته إليه عقولهم، وسوّلت لهم به نفوسهم، وأوحته إليهم شياطينهم؛ فلم يقفوا عند ما أخبر الله عن نفسه، وأجروه على ظاهره من غير تأويل ولا تمثيل ولا تعطيل، ولم يَدْرُجوا على نهج السّلف في مثل ذلك؛ بل ابتدعوا للنّاس عِلمًا محدثًا مولدًا في الدّين، مأخوذًا عن اليهود والجعد بن درهم وبشر المريسيّ، وسمّوه: علم المنطق وعلم الكلام، ولما اغتروا بما أُوتوه من هذا العلم المذموم الملعون، الذي خرّب عقائد المسلمين؛ قالوا: هما طريقتان: طريقة السّلف وطريقة الخلف، ولكنّ طريقة الخلف أعلم وأحكم، وطريقة السّلف أسلم، لكنّها ليست بأعلم ولا أحكم! وقد علمتَ أنّ طريقة السّلف في العقائد هي طريقة الكتاب والسُّنّة وطريقة الرّسول وأصحابه والتّابعين وسائر أئمّة الدّين، أمّا طريقة الخلف فهي تنقل عن بشر المريسيّ والجعد بن درهم، ويتصل سندها إلى اليهوديّ الذي سحر النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

فإذا عرفتَ هذا؛ فأيّ الطّريقتين أعلم وأحكم وأسلم؟! فعلى طريقة الخلف هذه: يلزم عليها أنّهم أعلم من الرّسول صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه ومن تابعيهم، وأنّهم أفضل منهم؛ لأنّهم أتقنوا وأحكموا علم التّوحيد ـ الذي هو أشرف العلوم، ولأجله أُرسلت الرّسل، وأُنزلت الكُتب ـ! فسبحانك هذا بهتان عظيم! فهل

<<  <   >  >>