يُنسَخ، وغير ذلك من المسائل التي يكول ذكرها؛ فلو خالف أحد شيئًا من هذه المسائل بدليل ظهر له؛ لم يكن منتقصًا لأحد من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا غيرهم؛ لأنّ الدّليل كما هو حجّة علينا؛ فهو حجّة على الصّحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ.
ولعلّ ابن حجر يومئ بكلامه هذا إلى ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيميّة من أنّ الطّلاق الثّلاث إذا كان مجموعًا في كلمة واحدة؛ فلا يقع إلَّا طلقة واحدة، كما جاء ذلك في صحيح مسلم؛ ولفظه: كان الطّلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر وسنتين من خلافة عمر: الثّلاث واحدة، حتى قال عمر:«إنّ النّاس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة؛ فلو أمضيناه عليهم؛ فأمضاه عليهم» ؛ فقال شيخ الإسلام ابن تيميّة عند هذا: إنّ أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب فعل ذلك قبل أن يُفتح على النّاس باب التّحليل ـ الذي لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعن فاعله، وسمّاه بالتّيس المستعار ـ، ولو كان يعلم ابن الخطّاب أنّ النّاس سيفعلون ذلك؛ ما أمرهم بوقوع الطّلاق ثلاثًا؛ وهذا مصداق ما قال بعض الصّحابة:«ما ضُيّعت سُنّة إلَّا وظهرت بدعة» ، وما زال أمر التّحليل يتفاقم حتى بلغ ما بلغ، وأقلّ مفاسده: التّعرّض للعنة الرّسول صلى الله عليه وسلم، وإفساد الزّوجة، وتغيير حكمة الشّرع التي شرع لها الزّواج، ومفاسد كثيرة جدًّا لا تحصى ـ ذكر بعضها الإمام ابن القيّم ـ؛ فلو بقي النّاس على ما كانوا في عهد نبيّهم صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر؛ لكان خيرًا لهم وأقوم، ولانسدّ عليهم باب مفاسد الحيل، التي كادت أن تُضيّع الدّين جملة، وقد أدخلوها في النّكاح، والصّلاة، والزّكاة، والصّوم، وفي أكل الرّبا والحقوق، وغير ذلك.
والحاصل: أنّ قول الله ورسوله مقدّم على رأي كلّ أحد من النّاس كائنًا مَن كان.
وأمّا من قوله: «حتى تجاوز إلى الجناب الأقدس ـ سبحانه وتعالى عن كلّ نقص، والمستحقّ لكلّ كمال ـ؛ فنسب إليه العظائم والكبائر، وخرق سياج عظمته وكبرياء جلالته؛