للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بما أظهره للعامّة على المنابر من دعوى الجهة والتّجسيم، وتضليل مَن لم يعتقد ذلك من المتقدّمين والمتأخّرين؛ حتى قام علماء عصره وألزموا السّلطان قتله أو حبسه وقهره، إلى أن مات؛ وخمدت تلك البدع وزالت تلك الظّلمات» ! انتهى كلامه بحروفه.

وجوابه أن يُقال:

أولًا: سبحانك هذا بهتان عظيم! ومَن قرأ كتب شيخ الإسلام ابن تيميّة في التّوحيد وغيره؛ علم قطعًا براءته مما نَسب إليه هذا الكذّاب المعتدي ـ وهو ابن حجر ـ؛ فقد ردّ فيها على المجسّمة والمشبّهة، وليس فيها حرف واحد يشعر بما قاله وافتراه هذا الرّجل. نعم؛ قد أثبت لله ـ سبحانه وتعالى ـ أسمائه وصفاته التي ورد بها القرآن والسُّنّة من غير تأويل ولا تمثيل ولا تعطيل، فإن كان هذا تجسيمًا وإثبات جهة عند ابن حجر؛ فلا يختصّ به شيخ الإسلام ابن تيميّة؛ لأنّه ليس أوّل مَن قال به؛ بل هذه الصّفات نزل بها القرآن العربيّ، وتكلّم بها النّبيّ الأُمّيّ في وسط أصحابه ـ الذين هم أعلم العرب باللّغة الفصيحة ـ، ونقلها عنهم خلف عن خلف، ولم يثبت عن أحد منهم أنّه أوّل شيئًا من ذلك؛ فهل كانوا في ذلك مجسّمين ومثبتين للجهة ومنتقصين ربّهم؟! فإن اعتقد ابن حجر فيهم ما اعتقده في شيخ الإسلام فهو أصل الضّلال وأجهل الجهّال، وإن كان يقول: ما كانوا يعتقدون ذلك؛ فقد خالف ما يشهد به النّقل والعقل وإجماع الأُمّة.

والحاصل: أنّ ردّه على شيخ الإسلام متضمن الرّدّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه وتابعيهم والأئمّة المجتهدين ـ عرف ذلك أو جهله ـ، بل ردّ على الله ـ سبحانه وتعالى ـ: فأمّا ردّه على النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فلأنّه هو السّائل للجارية بقوله: «أين الله؟» ؛ فقالت: في السّماء؛ فقال لسيّدها ـ أي: مالكها ـ: «أعتقها؛ فإنّها مؤمنة» ، وهو القائل: «ينزل ربّنا كلّ ليلة إلى سماء الدّنيا ... » الحديث ... وغير ذلك من الأحاديث الواردة في الصّفات؛ المفيدة أنّ الله في السّماء، وأنّه فوق العرش، وأنّه ـ سبحانه وتعالى ـ موصوف بكل ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، والكيف في جميع ذلك غير

<<  <   >  >>