معقول. فهذا هو الذي كان عليه أئمّة سلفنا، وشيخ الإسلام لم يزد عليه؛ بل انتصر له، وردّ على مَن يخالفه ويتأوّله حتى وصف ربّه بصفات العدم المحض ـ فرارًا من التّجسيم بزعمه ـ! وألزمه أيضًا التّجسيم فيما أثبته لله ـ تعالى ـ من الصّفات ـ كالعلم والحياة والإرادة والسّمع والبصر والكلام (الذي ليس بحرف ولا صوت) ـ؛ لأنّ هذه الصّفات كما هي ثابتة لله ـ عزّ وجلّ ـ فهي ثابتة للمخلوقين.
فإن قال: علم الله ـ تعالى ـ ليس كعلمنا، ولا حياته كحياتنا، ولا إرادته ولا سمعه ولا بصره ولا كلامه ...
الجواب: قلنا له: كذلك استواؤه ـ سبحانه وتعالى ـ على عرشه ليس كاستوائنا، ولا نزوله، ولا وجهه، ولا عينه، ولا نفسه، ولا يداه، ولا قدمه، ولا ساقه، ولا إتيانه، ولا ضحكه، ولا رضاه، ولا غضبه، ولا فرحه، ولا تعجّبه، وأيّ فرق بين ما أثبته له وبين ما نقيته عنه من الصّفات التي ذكرناها، والثّابتة له ـ تعالى ـ بنصّ القرآن والسُّنّة الصّحيحة؛ فما هذه إلَّا مكابرة وتفريق من غير فرق.
والحاصل: أنّ الرّدّ على هؤلاء في مثل هذه المسائل يطول جدًّا، وقد أراحنا فيه أئمّتنا المتقدّمون والمتأخّرون ـ كأبي حنيفة في «الفقه الأكبر» ، ومالك، والشّافعيّ، وأحمد، وغيرهم؛ مثل: البخاريّ، وأهل الحديث كلّهم (رضوان الله تعالى عليهم) ، فمن بعدهم شيخ الإسلام ابن تيميّة، والحافظ ابن القيّم، وغيرهما من المتأخّرين ـ؛ جزاهم الله خيرًا.
ولشيخ الإسلام أن يتمثّل بقول بعضهم:
إن كان تجسيمًا ثبوتُ صفاتِهِ ... فإنّي بحمد الله عبدٌ مجسّم
وما ضرّه أن يقول فيه ابن حجر ما قال إذا كان قد اقتفى فيما ذهب إليه سلفه الصّالح، فإن كان إثبات هذه الصّفات خرقًا لسياج عظمة الله ـ تعالى ـ وكبريائه، وأنّ ذلك من نسبة العظائم والكبائر ـ كما قاله هذا الجاهل بربّه ـ؛ فهو ـ سبحانه وتعالى ـ هو الذي وصف نفسه بنفسه؛ فقال ـ تعالى ـ:{الرحمن على العرش استوى} ـ في سورة طه ـ، وقال ـ تعالى ـ:{أأمنتم من في السماء} ـ في سورة تبارك ـ، وقال ـ تعالى ـ: {إليه يصعد الكلم