المثبت ـ كما نصّ عليه أهل العلم وأهل التّفسير وكلّ فاضل وعارف بصير ـ، ونعوذ بالله من القول على الله وعلى كتابه بغير علم ولا سلطان منير.
وأمّا قوله: «إنّ إطلاق لفظ (الاستغاثة) لمن يحصل منه غوث ولو تسبّبًا؛ أمر معلوم لا شكّ فيه لغة ولا شرعًا» ؛ فقد تقدّم كلام شيخ الإسلام في نفي الاستغاثة عمّن يسأل الله بجاهه وحقّه، وعمّن يدعو غيره، وأنّ مَن قال ذلك قد كذب على سائر اللّغات والأُمم، وأمّا مَن يسأل ويدعو وينادي ـ كما يفعله عبّاد القبور بمَن يدعونه ـ؛ فهذا [يسمّى] استغاثة، كما يسمّى عبادة لغير الله وشركًا بالله، وهذا النّوع ليس النّزاع في اسمه؛ وإنّما النّزاع في جوازه وحِلّه، وأمّا حديث الشّفاعة؛ فهو فيما يقدر عليه البشر من الدُّعاء، كما يُسأل الحيّ الحاضر أن يدعو الله وأن يستسقي.
وأمّا كلام الشّيخ ابن تيميّة الذي نقله عن المصنّفين في أسماء الله؛ فهو حُجّة لنا على عبّاد القبور؛ فإنّهم استغاثوا بغير الله فيما لا يقدر عليه إلَّا الله.
وقوله:«وإن حصلت من غيره ـ تعالى ـ؛ فهو مجاز ... » ؛ جوابه: إنّ الاستغاثة التي هي من جنس الأسباب العاديّة التي يقدر عليها المخلوق وفي وسعه؛ فهذه ـ وإن حصلت من العبد ـ فهي حقيقة لا مجاز، ولا ينازع في هذا مَن عرف شيئًا من اللّغة، والعبد يفعل حقيقة؛ فيأكل حقيقة، ويشرب حقيقة، ويهب حقيقة، وينصر أخاه ظالمًا أو مظلومًا حقيقة، والله ـ سبحانه ـ خلق العبد وما يعمل، وهذا معروف من عقائد أهل السُّنّة والجماعة. وإنّما ينفي الفعل حقيقة عن فاعله وعمّن قام به: القدريّة المجبّرة الذين يزعمون أنّ العبد مجبور، وأنّه لا اختيار له ولا مشيئة ـ كما هو مبسوط في موضعه ـ، والعراقيّ صفر اليدين من هذه المباحث المهمّة!
وكذلك قوله:«الاستغاثة بمعنى: أن يطلب منه ما هو اللّائق بمنصبه» ؛ لا ينازع فيها