للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التابعين؛ لاشتغالهم بالحروب والفتوحات الإسلامية؛ بل كان محفوظًا في صدور الرجال، فلما كتب الناس في زمن عمر بن عبد العزيز فصار كل يكتب ما وصل إليه من علم، وحيث أن الإمام أبا حنيفة هو أول الأئمة الأربعة وكان علم السنة في زمانه قليلًا؛ فلذلك قَلَّت روايته للحديث، ثم لا زال الناس يكتبون ويتوسعون في علم السنَّة حتى نما هذا العلم وكَثُر أهله؛ فكان مالك أكثر رواية من أبي حنيفة، ثم الشافعي أكثر رواية من مالك، ثم أحمد أكثر رواية من الشافعي، ثم كان علم السنَّة في عصر البخاري ومسلم وأهل السنن أكثر مما كان في عصر الأئمة الأربعة، فلم تمَّ نمو هذا العلم وبلغ أشده واستوى في القوة؛ أخذ يضمحل شيئًا فشيئًا؛ حتى صرنا لا نكاد نرى رجلًا من أهل الحديث! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

إذا تقرر هذا؛ علمنا أن الأئمة المجتهدين ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ لا لوم عليهم في شيء ما؛ لأن كل واحدٍ تكلَّم في الدين بما وصل إليه علمه؛ فقد يكون الحديث لم يبلغه بالكلية، أو بلغه المنسوخ ولم يبلغه الناسخ، وأما أتباعهم الذين جاءوا من بعدهم فاللوم كل اللوم عليهم إذا قَدَّموا قول متبوعهم على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن نما وكَثُرَ هذا العلم وصُنِّفَت الكتب المختلفة في أنواعه؛ فكان الواجب عليهم أن ينصروا علم الكتاب والسنَّة ويجعلوا قول إمامهم تبعًا لهما؛ فإن وافقها قُبِل وإلا فلا.

فإن قلتَ: هذه طريقة أتباع الأئمة سواء بسواء.

فالجواب: نعم؛ هذه طريقة بعض ... أتباع الأئمة، لا كلهم؛ كالإمام المزني

<<  <   >  >>