للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالفسق بعد الإشعار بعلية الظلم هناك فللإيذان بأن ذلك فسق وخروج عن الطاعة وغلو في الظلم وأن تعذيبهم بجميع ما ارتكبوا من القبائح كما قيل» (١).

بعرض رأي الإمامين يتضح اتفاقهما معًا في توجيه المتشابه.

تنبيه: الإمامان اختلفا معًا في توجيه المتشابه في الموضع الأول (سورة البقرة).

١١ - اتفق الإمامان في توجيه الفرق بين إبدال قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (٢) بقوله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب} (٣).

حيث قال الإمام الرازي في الموضع الأول للمتشابه (سورة الأنفال): «فإن قيل: إنه تعالى قال هاهنا: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (٤)، وقال في آية أخرى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} (٥)، [الرعد: ٢٨] فكيف الجمع بينهما؟ وأيضا قال في آية أخرى: {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٦)، قلنا: الاطمئنان إنما يكون عن ثلج اليقين، وشرح الصدر بمعرفة التوحيد، والوجل إنما يكون من خوف العقوبة، ولا منافاة بين هاتين الحالتين، بل نقول: هذان الوصفان اجتمعا في آية واحدة، وهي قوله تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٧)، والمعنى: تقشعر الجلود من خوف عذاب الله، ثم تلين جلودهم وقلوبهم عند رجاء ثواب الله» (٨).

وقال في الموضع الثاني للمتشابه (سورة الرعد): «فإن قيل: أليس أنه تعالى قال في سورة الأنفال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (٩) والوجل ضد الاطمئنان، فكيف وصفهم هاهنا بالاطمئنان؟ والجواب من وجوه: الأول: أنهم إذا ذكروا العقوبات ولم يأمنوا من أن


(١) روح المعاني، (٥/ ٨٤).
(٢) سورة الأنفال، الآية: (٢).
(٣) سورة الرعد، الآية: (٢٨).
(٤) سورة الأنفال، الآية: (٢).
(٥) سورة الرعد، الآية: (٢٨).
(٦) سورة الزمر، الآية: (٢٣).
(٧) سورة الزمر، الآية: (٢٣).
(٨) التفسير الكبير، (١٥/ ١٢٢).
(٩) سورة الأنفال، الآية: (٢).

<<  <   >  >>