للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسن البصري فقال ليس المراد أن وعده كان ثلاثين ليلة ثم بعد ذلك وعده بعشر لكنه وعده أربعين ليلة جميعًا، وهو كقوله {ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (١).

الموضع الثاني عند تفسيره لسورة الأعراف قال: واعلم أنه تعالى قال في سورة البقرة: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}، وذكر تفصيل تلك الأربعين في هذه الآية.

فإن قيل: وما الحكمة ههنا من ذكر الثلاثين ثم إتمامها بعشر؟ وأيضًا فقوله: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} كلام عار عن الفائدة؛ لأن كل أحد يعلم أن الثلاثين مع العشر يكون أربعين.

قلنا: أما الجواب عن السؤال الأول من وجوه:

الوجه الأول: أنه تعالى أمر موسى عليه وسلم يصوم ثلاثين يومًا وهو شهر ذي القعدة، فلم أتم الثلاثين أنكر خلوف فيه فتسوك، فقالت الملائكة كنا نشم من فيك رائحة المسك فأفسدته بالسواك فأوحى الله تعالى إليه أما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك، فأمره الله تعالى أن يزيد عليها عشرة أيام من ذي الحجة لهذا السبب.

الوجه الثاني: في فائدة هذا التفضيل أن الله أمره أن يصوم ثلاثين يومًا وأن يعمل فيها ما يقربه إلى الله تعالى ثم أنزلت التوارة عليه في العشر البواقي، وكلمه أيضًا فيه. فهذا هو الفائدة في تفصيل الأربعين إلى الثلاثين وإلى العشرة.

الوجه الثالث: ما ذكره أبو مسلم الأصفهاني في سورة طه ما دل على أن موسى بادر إلى ميقات ربه قبل موته، والدليل عليه قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي} (٢) فجائز أن يكون موسى أتى الطور عند تمام الثلاثين، فلما أعلمه الله خبر قومه مع السامري رجع إلى قومه قبل تمام ما وعده الله تعالى، ثم عاد إلى الميقات في عشرة أخرى، فتم أربعين ليلة.


(١) التفسير الكبير، (٣/ ٧٩).
(٢) سورة طه، الآيتان، (٨٣، ٨٤).

<<  <   >  >>