للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: قال بعضهم لا يمتنع أن يكون الوعد الأول حضره موسى عليه السلام، وحده، والوعد الثاني حضره المختارون معه ليسمعوا كلام الله تعالى، فصار الوعد مختلفًا لاختلاف حال الحاضرين. والله أعلم

والجواب عن السؤال الثاني: أنه تعالى إنما قال: {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} إزالة لتوهم أن ذلك العشر من الثلاثين، كأنه كان عشرين، ثم أتمه بعشر، فصار ثلاثين، فأزال هذا الإيهام (١).

بعرض موضعي المتشابه نجد أن الرازي ذكر بعض توجيه المتشابه في الآية الأولى (في الموضع الأول)، ولكنه فصله أكثر في الآية الثانية (في الموضع الثاني)، وهذا ما قام به أحيانًا (٢).

*د. وأحيانًا يذكر توجيه المتشابه في الموضع الذي يذكره ولا يبين توجيه الموضع الآخر، وهذا مما يؤخذ عليه.

ومثال ذلك: قال الإمام الرازي: «لقائل أن يقول: إنه تعالى قدم الموت على الحياة في آيات منها قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} (٣)، وقال {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} (٤) وحكى عن إبراهيم أنه قال في ثنائه على الله تعالى {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} (٥)، فلأي سبب قدم في هذه الآية ذكر الحياة على الموت حيث قال: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} (٦)؟

(والجواب) لأن المقصود من ذكر الدليل إذا كان هو الدعوة إلى الله تعالى وجب أن يكون الدليل في غاية الوضوح، ولا شك أن عجائب الخلقة حال الحياة أكثر، وإطلاع الإنسان عليها أتم، فلا جرم وجب تقديم الحياة ههنا في الذكر» (٧).


(١) التفسير الكبير، (١٤/ ٢٣٥ - ٢٣٦).
(٢) يُنظر: التفسير الكبير، (١٥/ ٣٦)، (١٩/ ٥٠ - ٥١).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٨).
(٤) سورة الملك، الآية: (٢).
(٥) سورة الشعراء، الآية: (٨١).
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٥٨).
(٧) التفسير الكبير، (٧/ ٢٥).

<<  <   >  >>