للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (١). وهذا واضح الإرادة إلى هذا المراد ظاهر، وهو وجه الكلام والأصل. وأما الآية في سورة الصف، وتعليق الإرادة فيها بالإطفاء مع زيادة اللام، فإن للنحوين في ذلك مذهبين:

أحدهما: أن اللام توضع موضع أن لكثرة ما يقال: زرتك لتكرمني، فاللام لما شهرت بنيابتها عن أن وقيامها مقامها في الموقع، كان تعدى الفعل إليها مع ما بعدها من الفعل كتعديه إلى أن وما تنصبه من المسقبل فيقال قصدت أن تفرح وقصدت لتفرح، وهذا لا يكون إلا على سبيل التوسع دون الحقيقة.

فأما المذهب الآخر فللمحققين وهو أن الفعل معدى إلى المفعول محذوف، واللام الداخلة على الفعل المنصوب تكون منبئة على العلة التي لها أنشئ الفعل.

والمراد في الآية على هذا التحقيق: يريدون أن يكذبوا ليطفئوا نور الله بأفواههم لأن قبلها: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٢)، فقوله: {يُرِيدُونَ} لم يذكر فيه مفعول ما يريدون اعتمادا على ما نبه عليه بقوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} (٣) فكأنه قيل: يريدون افتراء الكذب ليطفئوا نور الله، وهو على نحو قوله: أردت لكيما يعلم الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود، وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه سراويل عادي نمته ثمود أي: أردت أن انزع سراويلي ليعلم الناس إذا رأوا طولها على أنها عادي القامة، ثمودي الخلقة.

فلهذا خصت الآية الثانية بدخول اللام على يطفئوا، ولما كان المراد في الآية الأولى الإطفاء بالأفواه لما دل عليه مفتتح العشر وهو: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ} (٤)، كانت الإرادة معداة إلى إطفاء نور الله تعالى بأفواههم، وهو ما


(١) سورة التوبة، الآية: (٣١).
(٢) سورة الصف، الآية: (٧).
(٣) سورة الصف، الآية: (٧).
(٤) سورة التوبة، الآية: (٣٠).

<<  <   >  >>