للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة:

قال الإمام الرازي: «لم ذكر قوله {رَغَدًا} في البقرة وحذفه في الأعراف؟ الجواب عن هذا السؤال كالجواب في الخطايا والخطيئات لأنه لما أسند الفعل إلى نفسه لا جرم ذكر معه الإنعام الأعظم وهو أن يأكلوا رغدًا، وفي الأعراف لما لم يسند الفعل إلى نفسه لم يذكر الإنعام الأعظم فيه» (١).

وقال الإمام الإسكافي في درة التنزيل: «والمسألة الثالثة في الإتيان بقوله (رغدا) في هذه السورة وحذفها في سورة الأعراف فالجواب عنها كالجواب في الخطايا والخطيئات، لأنه لما أسند الفعل إلى نفسه تعالى كان اللفظ بالأشرف الأكرم، فذكر معه الإنعام الأجسم، وهو أن يأكلوا رغدا، ولما لم يسند الفعل في سورة الأعراف إلى نفسه لم يكن مثل الفعل الذي في سورة البقرة، فلم يذكر معه ما ذكر فيها من الإكرام الأوفر، وإذا تقدم اسم المنعم الكريم افتضى ذكر نعمته الكريمة» (٢).

من خلال عرض رأى الإمامين الجليلين يتضح أن الإمام الرازي قد نقل من الإمام الإسكافي دون أن يشير إلى ذلك.

المسألة الخامسة:

قال الإمام الرازي: «قال الله تعالى في سورة البقرة {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا} [البقرة: ٥٩] وفي الأعراف {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا} [الأعراف: ١٦٢] فما الفائدة في زيادة كلمة "منهم" في الأعراف؟

الجواب: سبب زيادة هذه اللفظة في سورة الأعراف أن أول القصة ههنا مبني على التخصيص بلفظ "من"؛ لأنه تعالى قال: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (٣) فذكر أن منهم من يفعل ذلك ثم عدد صنوف إنعامه عليهم وأوامره لهم، فلما انتهت القصة قال الله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا} فذكر لفظة "منهم" في آخر القصة ليكون آخر الكلام مطابقًا لأوله فيكون الظالمون من قوم موسى بازاء الهادين منهم فهناك ذكر أمة عادلة، وههنا ذكر أمة جابرة، وكلتاهما من قوم موسى فهذا هو السبب في ذكر هذه الكلمة في سورة الأعراف،


(١) التفسير الكبير، (٣/ ٩٩).
(٢) درة التنزيل وغرة التأويل، (١/ ٢٣٧).
(٣) سورة الأعراف، الآية: (١٥٩).

<<  <   >  >>