للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة السادسة:

قال الإمام الرازي: «ذكر ههنا {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} (١)، وفي آل عمران {إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} (٢)، ولقائل أن يقول لم كانت الأولى معدودة والثانية معدودات والموصوف في المكانين موصوف واحد وهو "أيامًا"؟ والجواب أن الاسم كان مذكرًا فالأصل في صفة الجمع التاء يقال كوز وكيزان مكسورة وثياب مقطوعة وإن كان الأصل في صفة الجمع الألف والتاء فيما واحده مذكر في بعض الصور نادرًا نحو حمام وحمامات وجمل سبطر وسبطرات وعلى هذا ورد قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}، و {فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} فالله تعالى تكلم في سورة البقرة بما هو الأصل: {أَيَّامًا مَّعْدُودَةً} وفي آل عمران بما هو الفرع» (٣).

وقال الإمام الإسكافي في درة التنزيل: «قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} (٤)، وفي سورة آل عمران: {قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} (٥)، فإن قيل: فما الفرق بين اللفظتين؟ ولم كانت الأولى (معدودة) والثانية (معدودات) والموصوف في المكانين موصوف واحد وهو قوله: (أياما)؟

والجواب عنه أن يقال: إن الجمع بالألف والتاء أصله للمؤنث نحو مسلمة ومسلمات، وصفحة وصفحات، ومكسورة ومكسورات، ولا يجيء الجمع الذي واحده مذكر هذا المجيء إلا ألفاظ معدودة، نحو حمام وحمامات، وجمل سبطر وجمال سبطرات، وأسد سبطرات، أي: تسبطر عند الوثوب وأما قولهم: كوز مكسور، وجرة مكسورة، فإن ما فيه هاء التأنيث يجمع على" مكسورات" فيقال: جرار مكسورات، وكيزان مكسورة، وليس قولك: كيزان مكسورات بأصل، بل المستعمل المستمر في ذلك أن يقال: "كيزان مكسورة" و"ثياب مقطوعة" و"سرر مرفوعة" و"أكواب موضوعة"، و"نمارق مصفوفة"، فالصفة الجارية على جمع المذكر الواحد يستمر فيه التأنيث على الحد الذي بينته.


(١) سورة البقرة، الآية: (٨٠).
(٢) سورة آل عمران، الآية: (٢٤).
(٣) التفسير الكبير (٣/ ١٥٢، ١٥٣).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٨٠).
(٥) سورة آل عمران، الآية: (٢٤).

<<  <   >  >>