للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلامة الجمع المؤنث الواحد: الألف والتاء في الأصل، فلما كان "معدودة" من الطرد المستمر، استعمل لفظها في الأول، ولما كان الجمع بالألف والتاء قد يكون فيما واحد مذكر وإن قل، فكان على سبيل من سبل المجاز، يستعمل ذلك فيه كقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (١)، وقال {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (٢).

والأيام جمع يوم، وهو مذكر، فيكون هذا على أحد الوجهين، إما أن يكون المراد: اذكروا الله في ساعات أيام معلومات ومعدودات، لأن المراد أن يكبر الله تعالى في اليوم الواحد في أدبار الصلوات الخمس المكتوبة، فحذفت الساعات، وأقيم المضاف إليها مقامها، وإما أن يكون ألحق بما في واحد علامة التأنيث لاستوائهما في الجمع ودخولهما في الفرعية التي يكتسبان بها لفظ المؤنث.

فلما قيل: جرار مكسورة، والجرة مؤنثة جاز أيضا "كيزان مكسورات" حملا على الجمع الذي ليس بحقيقي، وإذا كان ذلك ف (معدودة) المذكورة في الآية التي في سورة البقرة مستمرة في بابها وباب غيرها، والجمع بالألف والتاء ليس بمستمر، وإنما هو على ضرب من التشبيه بما أصله الألف والتاء، فكان استعمالها أولا أولى، ولجواز الألف والتاء على غير طريق الاستمرار استعمل في الثاني ليشمل الأصل والجائز بالاستعمال

فأما المعنى في القلة فسواء في قوله (معدودة) و (معدودات)، وقد قال أيضا (أيام معلومات) على أن تكون الأيام المعلومة في الأصل تسعة فثلاثة منها أيام معلومة، وثلاثة أخرى منها مثلها، وثلاثة ثالثة معلومة، فتجمع هذه الثلاثات على الأيام المعلومات، لأن واحدتها أيام معلومة، والمعلومة تجمع على المعلومات» (٣).

من خلال عرض رأى الإمامين الجليلين يتضح أن الإمام الرازي قد نقل من الإمام الإسكافي دون أن يشير إلى ذلك.


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٠٣).
(٢) سورة الحج، الآية: (٢٨).
(٣) درة التنزيل وغرة التأويل، (١/ ٢٦٠ - ٢٦٥).

<<  <   >  >>