وفي مسائله، رحمه الله، مسائل يحتاج الرجل أن يتفهمها ولا يعجل.
وهو قد قَالَ: ربما بقيت في المسألة، ذكر بعضهم عنه عشرين سنة، يعني: حتى يصح له ما يختار فيها، وذكر بعضهم عنه العشر سنين إلى الثلاث سنين، وإنما بينت هذا كله في هذا الموضوع، أعني: لمن يقلد من مذهب أبي عبد الله شيئا، أن لا يعجل وأن يستثبت.
ونفعنا الله وإياكم، ونسأله التوفيق فإنه لطيف.
فقد كان أبو عبد الله رجلا لا يذهب إلا في الكتاب، والسنة، وقول الصحابة والتابعين.
وكان يحب السلامة والتثبت فيما يقول، ويدفع الجواب، فإذا أجاب لم يجب إلا بما قد صح وثبت عنده.
وقد بين، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الاحتجاج في قبول شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر، وأن تأويل أبي موسى، عنده، هو الذي يعمل عليه مع تأويل ابن عباس وغيره:{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}[المائدة: ١٠٦] قالوا: من أهل الكتاب.
وقد احتج عليه محتج بقول: إن هذا الآية منسوخة.
فقال: هل يحكى ذلك إلا عن إبراهيم؟ وأنكر ذلك، وقال: هو جائز، وقد بينت ذلك كله.
٣٧٨ - أَخْبَرَنِي عبد الملك قَالَ: سألت أبا عبد الله عن شهادة أهل الكتاب فقال: ليسوا بعدول.
قلت: قد أقر الله بشهادتهم.
قَالَ: في ذلك الموضع، يعني: في الضرورة، يتأول أبو عبد الله الكتاب.
قَالَ أبو عبد الله: وأنا أذهب إلى أن أجيزها في ذلك الموضع، يعني: في الضرورة، حيث استثبتوا في الوصية.