ومعنى قوله: لا؛ ليس لا لم أكن أجبن، إنما معناه أن أحكامها قد تبينت لي، وأنه رجع إلى أنها تحصنه، وترك ما كان يجبن عنه من ذلك.
وأما أبو بكر المروذي، فقال فِي موضعين عن أبي عبد الله أبين من كل ما رَوَاهُ أصحابه هؤلاء العدد كلهم، وقد ذكرتها عنه فِي أول الباب؛ لأنه لا يجيء عنه أحد فيما بينت أحكم، ولا أبين من المسألتين اللتين وصفتهما عنه فِي أول الباب.
وأما ما حكى فِي المسألة الأخرى: أن أبا عبد الله قَالَ: لا تحصن، فالأمر فِي هذا عَلَى معنيين؛ أحدهما: أن يكون أبو عبد الله، رحمه الله، لعل أبا بكر المروذي صادفه فِي وقت شدة توقفه عن الإحصان بِهَا، كما حكى عنه الميموني التوقف، وهذا أيضا ظن سيئ؛ لأن أبا عبد الله فِي علمه ومعرفته لم يكن ليصرح بأنها لا تحصن.
وقد قَالَ مع توقفه: إن أحكامها كلها أحكام المسلمة إلا فِي الميراث.
أما المعنى الآخر: فلا شك أن أبا بكر المروذي غلط فِي المسألة الثانية؛ لأن المسألتين اللتين حكاهما عن أبي عبد الله فِيهِمَا مقنع من أن يحكى عن أبي عبد الله أنها تحصن، أو لا تحصن، لو تركها فلم يذكرها كان مصيبا إن شاء الله تعالى، ولكنه كان عنده أنه قد سَمِعَ من أبي عبد الله، والغلط والسهو يلحق أهل العلم، ولم يخل أحد من أهل العلم ممن تقدم أن يذكر عنهم الغلط والخطأ.
وكذلك فيما ذكر هو، وأصحابه عن أبي عبد الله من بيان الإحصان عنه عند ذكر هذه المسألة، أو أن يحتج أحد عنه سَمِعَ غلطا، أو غيره.