للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبينه» «١» ، فإن هجر القران أنواع ومنها: هجر تعلمه ثم تلاوته، وسماعه والإيمان به، والإصغاء إليه «٢» .

والاية توجب تعلم القران بطريق أسلوب الحكيم، حيث يظهر فيها التهديد على الهجر، وتسمية فاعله من المجرمين عند توضيح دعاء الرسول؛ إذ قال تعقيبا على دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم الذي جاء بصيغة شكوى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ (الفرقان: ٣١) ، فبين أن من هجر القران فهو من أعداء الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأن هذه العداوة أمر لابد منه ولا مفر عنه» «٣» ، كما أن هذا الفعل فيه تشبه بالمشركين الذين هجروا القران وأعرضوا عنه ولم يسمعوا له فهم كما قال الله جل جلاله: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ (الأنعام: ٢٦) «٤» ؛ ولذا جاء عن الأوزاعى قال: كان يعجبهم النظر في المصحف بعد القراءة هنيهة، قال بعضهم:

وينبغي لمن كان عنده مصحف أن يقرأ فيه كل يوم ايات يسيرة ولا يتركه مهجورا «٥» .

ملحوظة: يتضح من الدليلين السابقين أن حفظ القران أو النظر الدوري فيه ملزم لكل أفراد الأمة حتى لا يحدث الهجر له، وحتى يقرأ ما تيسر منه امتثالا للأمر الذي تكرر مرتين في اية واحدة هي الاية الأخيرة من سورة المزمل ... دلالة على التأكيد والأهمية مع إعلام الله عزّ وجلّ للقوم أنه يعلم تشتت أحوالهم الدنيوية، وعلى الرغم من ذلك فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ، وهذا أمر عام لكل قطاعات الأمة يتطلب بذل الوسائل المتاحة لتعميم التعليم القراني.


(١) تفسير البيضاوي (٤/ ٢١٥) ، مرجع سابق، والحديث المذكور ذكره البيضاوي ولم أعثر عليه.
(٢) وانظر: الفوائد (ص ٨٢) .
(٣) مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية (٤/ ١٠٦) .
(٤) وانظر: الطبري (١٩/ ٩) ، مرجع سابق.
(٥) انظر: (الزركشي) : البرهان في علوم القران (١/ ٤٦٣) .

<<  <   >  >>