للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- الأمر الصريح بتعلم كتاب الله سبحانه وتعالى، مع إجماع الأمة على أن الوجوب كفائي: ومن هذه الأوامر: قوله «تعلموا القران، واقرؤه (وفي لفظ: فاقرؤوه، وفي لفظ للترمذي: وأقرئوه «١» » ... ) فقوله (تعلموا القران) «أي لفظه ومعناه» «٢» ، والفاء في قوله (فاقرأوه) كحرف العطف (ثم) في قوله سبحانه وتعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ (هود: ٣) ، أي تعلموا القران، وداوموا تلاوته، والعمل بمقتضاه يدل عليه، والدلالة في الحديث تصريحا وتشبيها واضحة على الأمر بتعلم القران وتعليمه، وإنما تترتب تلاوته وقراءته على ذلك.

٥- أن ذلك التعلم والتعليم هو حقيقة الرسالة النبوية لسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، توجد بوجوده، وتنتفي بانتفائه.. وهو قد أرسل للعالمين نذيرا كما في قول الله سبحانه وتعالى:

وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (الأنبياء: ١٠٧) ، والشيء الذي أمر بتبليغه والإنذار به هو القران كما في قوله جل جلاله: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان: ١) ، وما سبق من إيضاح لحقيقة وظيفة البلاغ للنبي صلّى الله عليه وسلّم يفصل هذا المعنى، ولأنه مات صلّى الله عليه وسلّم فلا يستطيع تجاوز حدود الزمان والمكان فإن أتباعه يدعون إلى سبيله قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (يوسف: ١٠٨) ، وهذا يدل على وجوب تعلم القران عليهم وتعليمه، ولذا خص الاية بذكر البلاغ في قوله (بلغوا عني ولو اية) مع أنه قد يبلغ غيرها من الأحاديث مثلا، وقد سبق أن تبليغ القران هو الأصل كما في قول الله جل جلاله: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ (الأنعام: ١٩) ، وسمى الله جل جلاله القران بلاغا هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ (إبراهيم: ٥٢) .


(١) الترمذي (٥/ ١٥٦) ، مرجع سابق.
(٢) تحفة الأحوذي (٨/ ١٥٠) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>