وأمّا البسملة فليس الأمر كما قال، إذ أنّ خلاف العلماء قديم مشهور في كونها آية من غير سورة النّمل أو ليست بآية، ومذهب مالك أنّها ليست بآية في أوائل السّور (قرطبي ١/ ٩٣)، فهل هذا إنكار للقطعيّ كما ذكر الشّيخ شاكر؟ نعم، البسملة قرآن، وكانت تنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم علامة على فصل السّورة عن السّورة، كما سيأتي، وقد قرأ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سورة الكوثر فابتدأ بالبسملة (أخرجه مسلم رقم: ٤٠٠)، وقال في سورة الملك: «إنّ سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتّى غفر له، وهي سورة تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ» (أخرجه التّرمذيّ رقم: ٢٨٩٣ وغيره- ويأتي ص: ١٣٩ - قال التّرمذيّ: حديث حسن)، وسورة الملك ثلاثون آية من غير البسملة. فأيّ قطعيّ إذا عارضه هذا الحديث؟ وأين كان بحور المحدّثين عن إنكار مثل هذا الحديث، وتأتي عليه القرون في كتب العلم شائعا منتشرا ما أورد الشّكّ على قلب أحد منهم حتّى يدّخر اكتشاف ذلك لأهل زماننا، لو كان حديثا قليل الشّيوع لأمكن أن يغفلوه، أمّا وهو في كتبهم، بل منهم كالتّرمذيّ من يحكم بثبوته مع وجود النّكارة الّتي ذكر الشّيخ شاكر، فهذا ما يصعب تخيّله عنهم. عذرا على إطالة النّفس قليلا في هذا الحديث، فلقد رأيت المقام يقتضيه، خاصّة مع جريان التّقليد عند طائفة للشّيخ شاكر في دعواه.