للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النّساء: ٩٢].

ففرّق الله تعالى بين صنفين من الكفّار: العدوّ المحارب، والمسالم الّذي بين المسلمين وبينه عهد وميثاق، ولم يسمّه عدوّا مع كفره، لأجل الميثاق.

والّذي يتصوّر منه الاعتداء على القرآن إنّما هو الكافر الحربيّ، لا من بينه وبين المسلمين عهد.

وعليه: فحمل المصحف إلى أرض الحرب هو المراد بالحديث،

أمّا إلى أرض عهود ومواثيق يكون المسلم آمنا فيها على القرآن وعلى دينه، فلا حرج من أن يكون معه فيها مصحفه، كما يقتضيه واقع النّاس في زماننا.

وقد صرّح فقهاء الحنفيّة أنّ المسلم إذا دخل بلاد الكفّار بأمان جاز حمل المصحف معه إذا كانوا يوفون بالعهد (١).

ويتفرّع عن هذه المسألة: هل يجوز أن يعطى الكافر مصحفا يقرأ فيه بغرض دعوته إلى الإسلام؟

تقدّم في المسألة السّابقة تأويل حديث «لا يمسّ القرآن إلّا طاهر» على معنى: لا يمكّن من مسّه إلّا مسلم، ولا يختلف في إرادة الكافر بالمنع بمقتضى هذا الحديث، وكلّ من منع المسلم المحدث من مسّ المصحف وهم جمهور العلماء يمنعون الكافر من مسّه، بل لم أجد في أهل العلم أحدا يرخّص للكافر في مسّ المصحف حتّى عند الأمن من تعرّضه له بالإهانة،


(١) الدّرّ المختار مع حاشية ابن عابدين (٤/ ١٣٠).

<<  <   >  >>