وما علّل به ابن عبّاس والشّعبيّ هو الّذي ينبغي أن تكون عليه نيّة البائع، وهو أنّ ما يستفيده من أجر ولو بربح؛ يكون على معاناته في الكتابة والإعداد.
وممّا يحسن التّنبيه عليه هنا: أنّ العامّة إذا جاءوا إلى بائع المصاحف قالوا: (كم هديّة هذا المصحف) احترازا من لفظ البيع أو القيمة، وهذا خطأ في صيغ العقود، فإنّ المشتري لم يقصد الاستهداء، ولا بالبائع قصد الإهداء، وإنّما هي عمليّة بيع وشراء، فلا ينبغي أن يحتال عليها بتلك الألفاظ، فذلك تكلّف مذموم، وإن حسنت معه المقاصد.
[٤ - تكريم المصحف]
كلّ فعل لم تنه عنه الشّريعة، ممّا يقصد به تكريم المصحف وتعظيمه، فهو حسن مقبول؛ لأنّ ما كان من الأفعال مباحا في الأصل إذا استعمل للتّوصّل به إلى مشروع فهو مشروع بهذا الاعتبار، ما لم يعتقد صاحبه أنّه سنّة لذاته، أو مطلوب لذاته؛ خشية أن يضيف لدين الإسلام ما ليس منه.
ومن هذا ما يتّصل من الأفعال بتعظيم المصحف، فإنّ ذلك من الإيمان كما قدّمناه أوّل هذا المبحث، والله تعالى يقول: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحجّ: ٣٢]، وهذا عامّ في كلّ ما أشعر الله به