حين قال المشركون فيما ذكره الله تعالى عنهم: يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ [الحجر: ٦] مستهزئين متهكّمين برسول الله صلى الله عليه وسلم، منكرين أن يكون ما جاءهم به من عند الله، ردّ الله عز وجلّ عليهم بقوله:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ٩ [الحجر: ٩] يقول: نعم، إنّه تنزيلنا ووحينا، وهو محفوظ بحفظنا، ليس لأحد عليه سلطان بتغيير أو تبديل أو زيادة أو نقص.
كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢ [فصّلت: ٤١ - ٤٢]، فنفى ربّنا تعالى عن القرآن كلّ باطل، فحفظه من ذلك فيما تقدّمه، فما هو بقول ساحر ولا مجنون، ولا بأساطير الأوّلين، بل هو المصدّق لما قبله من وحي الله وتنزيله، والشّاهد على ما فيه من
الحقّ، والمصوّب لما طرأ عليه من التّحريف والتّبديل، كما حفظه من الباطل بعد أن أوحاه إلى نبيّه صلى الله عليه وسلم، فبرّأه من كتمانه، كما برّأه من الزّيادة أو النّقص فيه، كما قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ