المتقدّم غير مراد في التّكليف، وإنّما المراد ما جيء به آخرا، فالأوّل غير معمول به، والثّاني هو المعمول به.
وهذا المعنى جار في تقييد المطلق، فإنّ المطلق متروك الظّاهر مع مقيّده، فلا إعمال له في إطلاقه، بل المعمل هو المقيّد، فكأنّ المطلق لم يفد مع مقيّده شيئا، فصار مثل النّاسخ والمنسوخ.
وكذلك العامّ مع الخاصّ، إذ كان ظاهر العامّ يقتضي شمول الحكم لجميع ما يتناوله اللّفظ، فلمّا جاء الخاصّ أخرج حكم ظاهر العامّ عن الاعتبار، فأشبه النّاسخ والمنسوخ، إلّا أنّ اللّفظ العامّ لم يهمل مدلوله جملة، وإنّما أهمل منه ما دلّ عليه الخاصّ، وبقي السّائر على الحكم الأوّل.
والمبيّن مع المبهم كالمقيّد مع المطلق.
فلمّا كان كذلك استسهل إطلاق لفظ (النّسخ) في جملة هذه المعاني؛ لرجوعها إلى شيء واحد» (١).
[المبحث الثاني: ثبوت النسخ في الكتاب والسنة]
النّسخ واقع في نصوص الوحي بدلالة الكتاب والسّنّة، فمن أدلّة ذلك من كتاب الله تعالى ما يلي: