للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: ترتيب السور]

اختلف العلماء في ترتيب سور القرآن: هل هي توقيفيّة، أو اجتهاديّة؟ على قولين:

الأوّل: توقيفيّة، وحين جمعه أبو بكر ثمّ عثمان كان جمعه على

التّرتيب الّذي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه النّاس، وهو كما هو في مصاحف المسلمين


= المهاجرين أسألهم عنها فلم أجدها مع أحد منهم، ثمّ استعرضت الأنصار أسألهم عنها فلم أجدها مع أحد منهم، حتّى وجدتها مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضا، من الأنصار، فأثبتّها في آخر براءة، قال زيد: ولو تمّت ثلاث آيات؛ لجعلتها سورة واحدة، ثمّ عرضته عرضة أخرى؛ فلم أجد فيه شيئا.
قلت: هذه رواية لا تصحّ من أجل تفرّد عمارة بن غزيّة عن الزّهريّ بهذا السّياق، وقصّة جمع القرآن محفوظة عن الزّهريّ من طريق المتقنين من أصحابه ليس فيها هذا الّذي ذكر عمارة، وليس عمارة من أصحاب الزّهريّ الّذين يعرفون بالرّواية عنه، وأخاف أن يكون لم يسمعه منه، وإنّما حدّثه بعض الضّعفاء بذلك، وإلّا فأين المتقنون من أصحاب الزّهريّ لم يرو أحد منهم شيئا كهذا؟
وأخرجها ابن عساكر في «تاريخه» (١٩/ ٣٠٦) من طريق أبي القاسم البغويّ الحافظ، وبعنعنة عمارة عن الزّهريّ، ولم يسق لفظه إلّا بشيء من أوّله دلّ على أنّ الرّواية في الجمع الّذي وقع في زمن الصّدّيق.
وقال البغويّ: «وهذا عندي وهم من عمارة؛ لأنّ الثّقات رووه عن الزّهريّ عن عبيد بن السّبّاق، عن زيد».
قلت: وهذا إبانة عن عدم حفظ عمارة للحديث على وجهه، وابن السّبّاق لم يذكر عن زيد بن ثابت هذه الكلمة: (ولو تمّت ثلاث آيات؛ لجعلتها سورة واحدة)، ممّا أكّد الحكم بنكارتها.

<<  <   >  >>