أخرجه أبو عبيد في «الفضائل» (ص: ٣٩٧) بإسناد رجاله ثقات، في اتّصاله نظر. وانظر: «البرهان» للزّركشيّ (١/ ٤٧٧). (٢) وأحسن شيء يروى مرفوعا في هذا الباب: حديث عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سرّه أن يحبّه الله ورسوله فليقرأ في المصحف». وهذا حديث ضعيف منكر. أخرجه ابن عديّ في «الكامل» (٣/ ٣٨٧) وابن شاهين في «التّرغيب في فضائل الأعمال» (رقم: ١٩٠) وأبو نعيم في «الحلية» (رقم: ١٠٣٦٧) والبيهقيّ في «الشّعب» (رقم: ٢٢١٩) من طرق عن إبراهيم بن جابر، قال: حدّثنا الحرّ بن مالك أبو سهل العنبريّ، حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، به. تفرّد به الحرّ بن مالك، صرّح بذلك ابن عديّ، وأبو نعيم، والبيهقيّ. وقال ابن عديّ والبيهقيّ: «منكر»، وقال الذّهبيّ في «الميزان» (١/ ٤٧١) في ترجمة (الحرّ): «أتى بخبر باطل» فذكر هذا الحديث، وزاد: «وإنّما اتّخذت المصاحف بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم». قلت: وهذا تعليل دقيق، خلافا لابن حجر حين ردّه في «اللّسان» (٢/ ٢٢٥) فقال: «وهذا التّعليل ضعيف، ففي الصّحيحين: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدوّ مخافة أن يناله العدوّ، وما المانع أن يكون الله أطلع نبيّه على أنّ أصحابه سيتّخذون المصاحف؟ لكنّ الحرّ مجهول الحال» فهذا تعقّب متعقّب، والحديث الّذي ذكره عن «الصّحيحين» في أمر يمكن وقوعه للمخاطبين يومئذ، فإنّ القرآن كان يكتب في عهده صلى الله عليه وسلم، بخلاف المصاحف صفة واسما، والمعنى في كلام الذّهبيّ أنّ لفظ المصاحف لم يكن يومئذ للقرآن الّذي بين الدّفّتين فكيف يخاطب به المكلّفون خطابا يقتضي الامتثال؟ وأمّا العلّة في الإسناد فليست جهالة الحرّ، فهو رجل معروف، وإنّما في كونه تفرّد بما لا يعرف من غير طريقه بإسناد مشهور تنشط همم النّقلة لروايته، ومن علامة المنكر أنّ يتفرّد من لم يتميّز بالإتقان برواية الحديث، والحرّ كذلك، وجائز أن يكون أصل ذلك موقوفا على ابن مسعود، فرفعه الحرّ خطأ.