للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يثبت بطريق (الاستصحاب) كالإباحة الأصليّة، والبراءة الأصليّة.

فقد ثبت في العقول أنّ ما خلقه الله في الأرض فهو مباح للإنسان حتّى يرد خطاب الشّرع بنقله عن تلك الإباحة، كما ثبت في العقول أنّ الذّمم بريئة حتّى يرد خطاب الشّرع بإيجاب الواجبات.

فتدرّج الشّارع في تحريم الخمر بتضييق الإباحة فيها، ثمّ بنقل حكمها من بعد من الإباحة إلى التّحريم، ليس نسخا؛ لأنّ الإباحة لم يحتج إلى معرفتها بدليل الشّرع، إنّما عرفت بعدم الخطاب (١).

وفرض الله الصّلاة والصّوم، ولم يكن من ذلك شيء، فتكليف الذّمم بذلك لم يكن على المعارضة لحكم سابق ثابت بدليل الشّرع، بل جاء هذا التّكليف ليشغل موضعا فارغا صالحا له.

الشّرط الرّابع: أن يكونا عمليّين.

أي يتّصلان بأحكام كسب الجوارح، كالصّلاة والصّوم.

مثل نسخ فرض استقبال بيت المقدس في الصّلاة باستقبال الكعبة، ونسخ فرض قيام اللّيل في أوّل سورة المزّمّل بما نزل في آخرها، ونسخ التّخيير بين صوم رمضان والفدية بالطّعام بفرض الصّوم، ونسخ حبس الزّواني بالحدود (٢).


(١) انظر ما تقدّم في هذه المقدّمة (ص: ٢١٤ - ٢١٥).
(٢) أوردت تفاصيل النّصوص لهذه الأمثلة في مواضع من هذه المقدّمة.

<<  <   >  >>