وذلك أنّ الأحاديث المتواترة الواردة فيه والّتي هي طريقنا لإثبات الأحرف السّبعة، بيّنت بوضوح أنّه اختلاف حروف لا اختلاف معاني، مقصود به رفع الحرج عن التّالين من أصحاب الألسنة المختلفة، والإنسان قد يجري في استعماله لفظ (هلمّ) مثلا بدل (أقبل) ويجده بالاعتياد أيسر عليه، فرفع الحرج في مثل ذلك بنزول القرآن على الحروف المختلفة الجارية في الاستعمال ما دام المعنى متّفقا غير متخالف، ومنه كذلك تقديم لفظ أو تأخيره والمعنى متّحد.
وهذا يبيّنه بوضوح حديث أبيّ بن كعب، رضي الله عنه، قال:
قرأت آية وقرأ ابن مسعود خلافها، فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال:«بلى»، فقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟ فقال:«بلى، كلاكما محسن مجمل» قال: فقلت له، فضرب صدري، فقال: «يا أبيّ بن كعب، إنّي أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الّذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الّذي
معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتّى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلّا شاف كاف، إن قلت:(غفورا رحيما) أو قلت: