سبيل الاستحباب، فقد كان عهدهم قريبا من عصر النّبوّة، وحملوا العلم عن أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وتتلمذوا عليهم، وتأدّبوا بأدبهم، مع ما أوتوا وعرفوا به من الدّين، والصّدق، والأمانة، وصحّة الاعتقاد، وسلامة المنهاج، والبعد عن التّكلّف (١).
وهذا مسلك إعمال الرّأي مشروطا بمراعاة لغة القرآن، وأصول الشّريعة في الفهم والاستنباط.
وهو يوجب تحصيل آلة تعين على استكشاف ألصق المعاني بمراد الله تعالى بكلامه، وتعود إلى أصلين:
الأصل الأوّل: العلم بالعربيّة.
ويتمثّل بالقدرة على استعمال المعاجم الموضوعة لشرح الحقيقة اللّغويّة، مع الدّراية بعلوم النّحو والصّرف والبلاغة، على الوجه الّذي يمكّن من فهم التّراكيب والدّلالات بحسب وضعها اللّغويّ.
ولقد كان هذا المنهج، وهو الرّجوع إلى لسان العرب لفهم الألفاظ ودلالاتها، سبيل من سبق من أئمّة التّفسير منذ عصر السّلف.
فهذا مفسّر الصّحابة عبد الله بن عبّاس، يتفقّد لغة القرآن في كلام
(١) يأتي في (أنواع التّفسير) تسمية أمّهات كتب التّفسير بالمأثور المشتملة على المنقول عن السّلف.