للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الأولى: التّفسير باللّغة تفسير بالرّأي.

لا من جهة أنّ اللّغة تثبت بالرّأي، وإنّما من جهة تحديد كون ذلك المعنى هو المراد بالآية أو اللّفظ المعيّن من القرآن.

واستعمال اللّغة في تفسير القرآن أخطر ما يسلكه المفسّر، فهو إذا فسّر الآية بنفس القرآن أو الحديث أو الأثر، فإنّه وإن كان يستعمل رأيه في تتبّع النّصّ والأثر والرّبط له بالآية وتوجيه ذلك، إلّا أنّه قد أحال واعتمد في غالب أمره على النّقل، بينما اللّغة بما وقع فيها من السّعة واحتمال المعاني الكثيرة المختلفة للّفظ الواحد، مع تنوّع الأساليب في تركيب الكلام، لا يسهل تنزيلها على ألفاظ القرآن وتراكيبه دون أصل يرتكز عليه المفسّر.

ثمّ إنّ الاقتصار على مجرّد اللّغة لا يعيّن المراد الشّرعيّ بالألفاظ، فلفظ الصّلاة أو الزّكاة أو الصّيام مثلا، لا تسعفك فيها اللّغة لمعرفة مراد الله تعالى بها، ولذا احتيج إلى بيان الرّسول صلى الله عليه وسلم.

ولو تأمّلت منهج الصّحابة في التّفسير، ثمّ من تبعهم من تلامذتهم، وجدتهم يستندون إلى السّمع وينتهون إليه، لا يجاوزونه إلى اللّغة إلّا عند فقد بيان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، مع أنّهم أنفسهم كانوا مصدرا للّغة، خاصّة الصّحابة، فإذا صاروا إلى التّفسير باللّغة والنّظر، فسّروا بما لا يأتي على المخالفة للنّصوص المسموعة، ولا المناقضة للأصول المعلومة.

وهذا المنهج استعمله بعدهم خلائق من أئمّة التّفسير، فرشدوا، ولم

<<  <   >  >>