للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسخ، ووجّه من ذلك أيضا نسخة إلى مكّة، ونسخة إلى اليمن، ونسخة إلى البحرين، والأوّل أصحّ، وعليه الأئمة» (١).

[المبحث الثالث: الفرق بين جمع الصديق وجمع عثمان]

والفرق بين الجمعين ظاهر من الرّوايات الصّحيحة في ذلك، والفارق بينهما في أمرين بارزين:

الأوّل: السّبب الدّاعي للجمع.

ففي عهد الصّدّيق الخوف على ذهاب القرآن بذهاب حملته، كما

وقع في إشارة عمر على أبي بكر، حيث قال: «إنّي أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن».

أمّا في عهد عثمان فكان الدّاعي الخوف على الأمّة من الافتتان في دينها بسبب اختلاف الحروف الّتي يقرأ بها القرآن، كما كان في إشارة حذيفة بن اليمان على عثمان، قال له: «يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمّة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنّصارى»، وإذا كان بعض كبار الصّحابة لم يستوعب أوّل الأمر مثل ذلك الاختلاف، كأبيّ بن كعب، حتّى أزال النّبيّ صلى الله عليه وسلم عنه الحرج، فكيف الشّأن في سائر النّاس بعد انتشار الإسلام وتوسّع رقعته وكثرة من دخل فيه من الشّعوب؟


(١) المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار (ص: ٩).

<<  <   >  >>