فما كان من هذا القسم والّذي قبله فتركه هجر محرّم للقرآن، ولو ترك النّاس في بلد إيجاد من يقرأ القرآن منهم ويتلوه ليبلّغهم إيّاه، لصدق عليهم جميعا وصف الهجر للقرآن.
والثّالث: تلاوة مندوبة.
وهي ما يزيد على الواجب ممّا يحرص المسلمون عليه في كلّ
زمان، فيتلوه القارئ ويحفظه أو يحفظ منه ما شاء، ممّا يعود إلى رغبته وإرادته.
فهذا القسم من التّلاوة يثاب فاعله ويؤجر، ولا يعاقب تاركه ولا يؤاخذ، فلا يعدّ فعله من الهجران الّذي ذمّ الله تعالى أهله، لكن لا نشكّ أنّ بفواته فوات خير عظيم.
وربّما استشكل بعض النّاس هاهنا ما ورد في شأن التّوقيت لختم القرآن في أربعين يوما، على ما سيأتي في (آداب قارئ القرآن)، أو ستّين في قول البعض، أو غير ذلك من التّحديد، فهل إذا ترك إنسان الختم في هذه المدّة يسمّى (هاجرا) للقرآن؟
الجواب: لا، لأسباب؛ أهمّها:
١ - لم يأت في شيء من الأدلّة ما يوجب على أحد ختم القرآن، بل ولا ما يحضّ عليه، وإنّما غاية ما تجد إفادة استحبابه إذا كان مقرونا بالتّدبّر.
وأمّا ما يروى عن ابن عبّاس، قال: قال رجل: يا رسول الله، أيّ العمل أحبّ إلى الله؟ قال:«الحالّ المرتحل»، قال: وما الحالّ المرتحل؟